يتخذ رئيس كوريا الجنوبية الجديد، لي جاي ميونغ، خطوات سريعة للوفاء بوعده الانتخابي بالسماح للشركات المحلية بإصدار عملات مستقرة، في دفعة إضافية إلى إحدى أكثر أسواق الأصول الرقمية نشاطاً في العالم.
يُعد لي، الزعيم التقدمي الذي فاز على خصمه المحافظ في الانتخابات الرئاسية التي أُقيمت الأسبوع الماضي، من أشد داعمي تبني العملات المستقرة.
وقدم الحزب الديمقراطي الحاكم، الذي ينتمي إليه لي، الثلاثاء مشروع قانون الأصول الرقمية الأساسي، الذي يهدف إلى تحسين الشفافية وتعزيز المنافسة في قطاع العملات المشفرة، وبموجب مشروع القانون، تتمكن الشركات في كوريا الجنوبية من إصدار عملات مستقرة إذا لم يقل رأس مالها عن 500 مليون وون (367876 دولاراً)، على أن تضمن عمليات الاسترداد من خلال الاحتياطيات.
العملات المشفرة في كوريا
تُعد كوريا الجنوبية بيئة خصبة بالفعل لنشاط العملات المشفرة، فيتعامل أكثر من ثُلث عدد السكان، أي نحو 18 مليون شخص، في أسواق الأصول الرقمية، وفي بعض الأيام، يتجاوز حجم التداول على بورصات العملات المشفرة المحلية نظيره على مؤشري “كوسبي” (Kospi) و”كوسداك” (Kosdaq) للأسهم.
وتعتبر العملات المستقرة عملات مشفرة تُربط قيمتها بأصل آخر، عادةً ما يكون الدولار الأميركي، وتكتسب الزخم على مستوى العالم مع وضع الإطار التنظيمي. ففي الولايات المتحدة، يُرتقب أن يصوت الكونغرس الأميركي على تشريع أساسي للعملات المستقرة، فيما صنّف الرئيس دونالد ترمب القطاع على أنه أولوية سياسية بموجب أمر تنفيذي.
ينص مشروع القانون في كوريا الجنوبية أيضاً على أنه يجب حصول أي أصول رقمية مرتبطة بأصول أخرى، بما فيها العملات المستقرة، على موافقة لجنة الخدمات المالية، بحسب نص مشروع القانون الذي نشره الحزب الحاكم.
معارضة من البنك المركزي
يشهد تداول العملات المستقرة انتعاشاً في كوريا الجنوبية، حيث وصل حجم التعاملات المرتبطة بعملات “يو إس دي تي” (USDT)، و”يو إس دي سي” (USDC)، و”يو إس دي إس” (USDS) على أكبر خمس منصات محلية لتداول العملات المشفرة 57 تريليون وون خلال الربع الأول، بحسب ما كشفته وكالة “يونهاب” نقلاً عن بيانات بنك كوريا.
مع ذلك، تواجه مبادرة لي بعض المعارضة من المصرف المركزي، حيث حذر محافظ بنك كوريا، رهي تشانغ يونغ، الشهر الماضي من أن إصدار الكيانات غير المصرفية عملات مستقرة قد يضعف فاعلية السياسة النقدية، وأشار إلى أن البنك المركزي يجب أن يتولى زمام الأمور في تنظيم العملات المستقرة المربوطة بالوون.
تحظى العملات المستقرة باهتمام القطاع المالي العالمي أيضاً، حيث تدرس مصارف مثل “دويتشه بنك” و”سانتاندير”، إلى جانب كبرى شركات التكنولوجيا، إصدار عملات مستقرة. فيما شهدت أسهم “سيركل” (Circle)، ثاني أكبر شركة مصدرة للعملات المستقرة في العالم، ارتفاعاً كبيراً بعد الطرح الأولي العام الأسبوع الماضي.
حذر من تكرار انهيار “تيرا”
أدت خطوة كوريا الجنوبية إلى ارتفاع في أسهم شركات الأصول الرقمية المحلية، فصعدت أسهم “كاكاو باي” (KakaoPay) نحو 18% الثلاثاء، ما يعد أكبر ارتفاع منذ يناير 2024، بفعل توقعات أن إدارة لي ستدعم إصدار عملة مستقرة مربوطة بالوون.
رغم ذلك، يتوخى بعض المحللين الحذر، فكتب محللا “جيه بي مورغان”، ستانلي يانغ وجيهيون تشو، في مذكرة أن “ارتفاع الأسهم المرتبطة بـ(كاكاو باي) لا تبرره المعطيات الأساسية، لأن أي فوائد ملموسة تنتج عن سياسة لي بشأن العملات المستقرة لا تزال غير مؤكدة”.
تواصل كوريا الجنوبية تحمل تبعات انهيار عملة “تيرا يو إس دي” في 2022، التي خسرت 40 مليار دولار من قيمتها السوقية وتظل إشارة تحذيرية مع انخراط البلاد في العملات المستقرة مرة أخرى.
