تراجع إنفاق المستهلكين الصينيين خلال عطلة رئيسية، رغم زيادة عدد المسافرين، ما يشير إلى أن الهدنة التجارية مع الولايات المتحدة لم تفلح في إنعاش الثقة داخل اقتصاد يعاني من تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترمب.
أنفق المسافرون أكثر من 42.7 مليار يوان (5.9 مليار دولار) خلال 119 مليون رحلة محلية قاموا بها على مدى عطلة عيد قوارب التنين التي استمرت ثلاثة أيام، وفقاً لبيانات صادرة عن وزارة الثقافة والسياحة يوم الثلاثاء. وتُظهر الأرقام أن كلا من الإنفاق وعدد الرحلات سجلا ارتفاعاً بأكثر من 5% مقارنة بالعام الماضي.وهذا يعني أن متوسط الإنفاق لكل رحلة بلغ 359 يواناً، بانخفاض نسبته 2.2% على أساس سنوي، وفق حسابات “بلومبرغ” المستندة إلى الأرقام الرسمية.
الإنفاق يتراجع مقارنة بعطلة أبريل
الانخفاض أصبح أكثر حدة عند المقارنة بعطلة عيد “كنس القبور” في أبريل، والتي امتدت أيضاً لثلاثة أيام، حيث بلغ متوسط الإنفاق حينها 457 يواناً لكل رحلة.
يُعد الإنفاق خلال العطلات مقياساً مهماً لقوة الاستهلاك في الصين، الذي لطالما كان الحلقة الأضعف في اقتصاد تبلغ قيمته 19 تريليون دولار، ويعتمد حالياً على الطلب المحلي لتعويض الصدمات الخارجية، واستيعاب الفائض في القدرات الإنتاجية.
عيد قوارب التنين مؤشر اقتصادي
يُحيي عيد قوارب التنين ذكرى الشاعر القديم “تشو يوان” من خلال سباقات القوارب، ويتميز بتناول كرات الأرز التقليدية. ويُعد هذا العيد واحداً من سبعة أعياد رسمية تمتد عدة أيام في الصين، يستغلها الناس تقليدياً للتسوق والسفر والاسترخاء.
وكانت الأجواء الاحتفالية خلال العطلة التي انتهت يوم الاثنين باهتة نسبياً في قطاعات عدة من الاقتصاد الاستهلاكي في الصين، لا سيما في ظل هطول الأمطار على مناطق واسعة من البلاد.
ورغم ارتفاع إجمالي الإيرادات التي تحققها الأفلام من بيع التذاكر خلال العطلة بنسبة 21% على أساس سنوي إلى 460 مليون يوان، إلا أنها لم تتجاوز نصف المستوى المسجل خلال نفس العطلة في عام 2023، بحسب بيانات جمعتها منصة “ماويان إنترتينمنت” (Maoyan Entertainment) الإلكترونية لبيع التذاكر.
أظهرت بيانات إدارة الهجرة الوطنية أن إجمالي الرحلات العابرة للحدود بلغ 5.9 مليون رحلة، بزيادة نسبتها 2.7% على أساس سنوي. قفز عدد رحلات الأجانب الوافدين إلى البلاد بنسبة 59% على أساس سنوي خلال العطلة، بعدما سمحت الصين لمواطني 43 دولة بالدخول دون الحاجة إلى تأشيرة.
الحذر يخيّم على إنفاق الأسر الصينية
تُعطي هذه البيانات لمحة عن وتيرة الاستهلاك في الصين، حيث تتوخى الأسر الحذر في الإنفاق وسط ضبابية تحيط بسوق العمل والدخل.ولا يزال الاقتصاد يواجه أزمات داخلية أبرزها تراجع قطاع العقارات، والانكماش الاقتصادي، والتوترات التجارية مع الولايات المتحدة. ويتوقع محللون في استطلاع أجرته “بلومبرغ” أن يتباطأ نمو مبيعات التجزئة على أساس سنوي للشهر الثاني على التوالي في مايو.
الحرب التجارية تضرب الطلب وتُضعف الأسعار
يقول ديفيد كو المحلل في “بلومبرغ إيكونوميكس” :” تراجع أسعار المستهلكين والمنتجين في الصين يعكس ضعفاً في حالة الاقتصاد، مع بدء تأثير الحرب التجارية على الطلب الخارجي. المعروض يفوق الطلب، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار. وحتى الآن، لم تنجح جهود الحكومة لتعزيز الاستهلاك، والتي بدأت منذ الربع الرابع من العام الماضي، في تحقيق نتائج ملموسة”.
رغم الاتفاق على تعليق الرسوم العقابية عقب المحادثات الثنائية التي جرت الشهر الماضي في جنيف، لا يزال متوسط الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الصينية مرتفعاً ويبلغ نحو 40%، ما وجّه ضربة قاسية للمصدرين الصغار وأجبرهم على تقليص عدد الموظفين.
قطاع التصنيع يسجل أسوأ أداء منذ 2022
شهد قطاع التصنيع في الصين خلال مايو أسوأ تراجع له منذ سبتمبر 2022، مع تقلص الطلبيات الجديدة ولجوء الشركات إلى خفض أعداد الموظفين، حسب نتائج مسح خاص نُشرته يوم الثلاثاء بشكل مشترك “كايشين” و”ستاندرد آند بورز غلوبال”.
كتب براين غونغ وأليشا ياب المحللان لدى “سيتي غروب” في مذكرة بحثية “في المستقبل، نعتبر أداء عطلة الصيف القادمة أكثر أهمية لتقييم الطلب على السفر، ونعتقد أن المستثمرين سيراقبون عن كثب بيانات الإشغال الأسبوعية للفنادق المحلية”.
