6
تستعد الصين لاتخاذ أكبر خطوة لها حتى الآن نحو فتح أسواقها الضخمة للسلع الأساسية، بعد أن أعلنت بورصة شنجهاي للعقود الآجلة عن خطة دولية تهدف إلى تسهيل وصول المستثمرين الأجانب.
وأوضحت البورصة، الأكبر في الصين لتداول المواد الخام، في بيان صدر يوم الثلاثاء، أنها تسعى للحصول على آراء بشأن مقترح يسمح للمشاركين باستخدام العملات الأجنبية كضمان للعقود المقومة باليوان، وهي خطوة لطالما طال انتظارها.
ويُعد استمرار القيود المفروضة على المستثمرين الأجانب ورؤوس أموالهم أحد العوائق الرئيسية التي حدت من قدرة الصين على لعب دور بارز في الأسواق الدولية.
تهدف الخطوة المرتقبة في تحقيق عدة أهداف، من بينها طموح الصين طويل الأمد في التأثير المباشر على أسعار السلع المستوردة التي تعتمد عليها اقتصادياً، بالإضافة إلى تعزيز جاذبية اليوان كعملة دولية تنافس الدولار في الأسواق المالية.
بورصة شنجهاي في قلب التحول العالمي
تأسست بورصة شنجهاي للعقود الآجلة عام 1999 وتُدار من قبل الحكومة الصينية، وتتيح تداول العقود على مجموعة من السلع من النحاس والصلب إلى الذهب والنفط الخام والبتروكيماويات.
ورغم أن الصين تُعد أكبر مشترٍ للمواد الخام في العالم، فإن الأسعار المرجعية للسلع الأساسية تُحدد عادة في أماكن أخرى، مثل نيويورك ولندن بالنسبة للنفط وللمعادن الأساسية وسنغافورة بالنسبة لخام الحديد.
في هذا السياق، قال تايجر شي، الشريك الإداري في شركة “باندز فاينانشال، والذي يتمتع بخبرة تفوق العقدين في أسواق السلع الصينية: “لقد آن الأوان لأن يتحول تسعير اليوان إلى تسعير عالمي”.
تحركات سابقة محدودة التأثير
في السابق، لم تحقق الخطوات الأكثر تواضعاً لفتح سوق العقود الآجلة للسلع نجاحاً يُذكر. فقد قدمت بورصة شنغهاي الدولية للطاقة، وهي وحدة تابعة لبورصة شنجهاي للعقود الآجلة، عقود نحاس مقومة باليوان للمستثمرين الأجانب منذ عام 2020، وعقوداً للنفط الخام منذ 2018، إلا أن أياً منهما لم يُحدث تأثيراً يُذكر على هيمنة البورصات العالمية.
في المقابل، فتحت بورصة داليان للسلع سوق عقود آجلة لخام الحديد في عام 2018، وحققت نجاحاً أكبر كمؤشر مرجعي.
تبدو الخطة الجديدة أكثر شمولاً، إذ تتضمن تغييرات واسعة لتسهيل مشاركة المستثمرين في 18 عقداً محلياً تابعاً لبورصة شنغهاي. وأوضحت البورصة أنها ستعيد هيكلة القواعد المتعلقة بالوصول إلى الأسواق وآليات التداول والتسوية وإدارة المخاطر وتسليم العقود بهدف “تدويل منهجي” لعمليات التداول. وقد دعت البورصة الجمهور لإبداء آرائهم بشأن الخطة بحلول الرابع من يونيو.
وصرحت تشنج جيا، رئيسة قسم التداول في شركة “شنغهاي سوتشو جيوينج إنفستمنت مانجمنت”: “هذه أخبار سارة. فهذه الخطوة ستجذب مشاركين أكثر تنوعاً وتعزز السيولة، كما ستربط الأسعار الصينية بشكل أوثق بالأسعار العالمية”.
تعزيز مكانة اليوان
تُعد المقترحات جزءاً من استراتيجية الانفتاح الأوسع التي تنتهجها البلاد، كما تُسهم في تعزيز مكانة شنغهاي كمركز مالي دولي، وزيادة نفوذ الصين في تسعير السلع على المستوى العالمي، بحسب بورصة شنجهاي.
وفي هذا السياق، تعهدت السلطات الصينية بتوسيع نطاق الخدمات المالية العابرة للحدود في شنجهاي، باعتبارها المركز التجاري الرئيسي للبلاد. وشملت خطة صدرت في أبريل الماضي التزاماً بمساعدة المستثمرين الدوليين على التفاعل بعمق أكبر مع منصات التداول، إلى جانب التوسع في استخدام اليوان كعملة تسعير في بورصة شنغهاي للذهب.
قال تومي شيه، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي لمنطقة آسيا لدى شركة “أوفرسي-تشاينيز بانكينج”، إن “الاتجاه المستقبلي يتمثل في تحويل اليوان إلى عملة تمويل للتجارة، أو عملة تمويل رئيسية”.
وأضاف أن “تسعير السلع يأتي ضمن الوظائف الأساسية لأي عملة تُستخدم في تمويل التجارة”.
من جانبه، يتوقع شي، من “باندز فاينانشال”، أن يكون النيكل أول عقد تفتحه بورصة شنجهاي للعقود الآجلة بموجب مقترحاتها الجديدة. وأضاف أن خطة البورصة ستُكمل خطوات أخرى تهدف إلى سد الفجوة بين أسواق السلع في الصين وبقية أسواق العالم.
في السياق ذاته، تستعد بورصة لندن للمعادن، التابعة لشركة “هونج كونج إكستشينجز آند كليرينج”، لتوسيع شبكتها العالمية من خلال إضافة مستودعات جديدة في هونج كونج. وهذا الإجراء يهدف إلى توفير طريقة أكثر سهولة أمام الشركات في البر الرئيسي الصيني لشحن المعادن إلى البورصة، لا سيما خلال فترات الضغوط السوقية وعند حدوث اضطرابات كبيرة بين الأسعار المحلية في السوق الصينية ونظيرتها الدولية.