لم تعد الدواجن الخيار الاقتصادي المفضل لتوفير البروتين للأسر المصرية، في ظل موجة غلاء عامة قفزت بسعر الكيلو من الدواجن البيضاء للمستهلك إلى 110 جنيهات (2.2 دولار) في مايو، بزيادة 46% على أساس سنوي.
زينب محمد ربة منزل من القاهرة، تواجه صعوبة في تأمين الاحتياجات الأساسية، فبعد أن كانت تعتمد على تخزين الدواجن المجمدة كحل عملي أصبحت الآن بعيدة المنال بسبب “سعرها المرتفع”.
تسارع معدل التضخم في مدن مصر ليبلغ 13.9% على أساس سنوي في أبريل مقارنة مع 13.6% في مارس، مدفوعاً بزيادات متتالية في أسعار الوقود والخدمات الأساسية، مما يزيد الأعباء على المواطنين الذين يعانون أصلاً من تراجع القدرة الشرائية.
عزا رئيس شعبة الدواجن بالغرف التجارية المصرية، عبدالعزيز السيد، في تصريحات لـ”الشرق”، ارتفاع سعر الدواجن البيضاء إلى إهمال بعض المربين للتحصينات، بالإضافة إلى تقلبات درجات الحرارة.
ارتفاع الأسعار رغم زيادة الإنتاج
من المفارقات أن ترتفع الأسعار بهذه الوتيرة رغم توقعات طارق سليمان، رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، بزيادة إنتاج الدواجن 15% إلى 1.6 مليار دجاجة خلال العام الجاري.
وزارة الزراعة تعمل على تطوير ورفع كفاءة العنابر ومزارع الدواجن من خلال تقديم قروض ميسرة للمستثمرين بالقطاع الذي تجاوز حجمه 100 مليار جنيه، كما أوضح سليمان في حديثه مع “الشرق”، متوقعاً عودة الأسعار للانخفاض خلال الأيام المقبلة نتيجة تراجع الطلب وزيادة الإنتاج.
وقال سليمان: “ارتفاع الأسعار الفترة الماضية كانت نتيجة زيادة الطلب، ولا يوجد أي أوبئة منتشرة كما أُشيع سابقاً”.
وأضاف أن مصر لم تستورد أية دواجن خلال العامين الماضيين بفضل وفرة الإنتاج، ولديها مخزون يكفي 6 أشهر من الأعلاف، كما لا توجد أية أعلاف عالقة بالموانئ.
لا تهديد للثروة الداجنة
كان أحد المسؤولين أثار جدلاً حول وضع الثروة الداجنة في مصر بتصريحات حول نفوق 30% من الإنتاج المحلي بمزارع الدواجن، قبل أن يتراجع عن تلك التصريحات ويستقيل من منصبه. وأوضح رئيس شعبة الدواجن أن نسبة نفوق الدواجن في مصر تتراوح بين 5% و10% فحسب.
كما لم يرصد اتحاد منتجي الدواجن في مصر أية فيروسات قاتلة، مثل إنفلونزا الطيور، بحسب رئيسه محمود العناني.
وقال العناني لـ”الشرق”: “نفوق بهذا الحجم من شأنه أن يربك سلاسل الإمداد المحلية، ويرفع سعر كيلو الدواجن إلى 200 جنيه، وهو ما لم يحدث”، متوقعاً استقرار الأسعار خلال موسم عيد الأضحى مع إقبال المصريين على اللحوم الحمراء.
يرى سامح السيد، عضو اتحاد منتجي الدواجن، أن ضبط الأسعار في سلاسل التجزئة يحتاج إلى تدخل من وزارة التموين المصرية وتشديد حملات الرقابة على السلاسل التي رفعت سعر كيلو الدواجن فوق المعدل الطبيعي.
ويظل السؤال قائماً: متى تبدأ مؤشرات الأسعار في الاستجابة لجهود تخفيف العبء عن كاهل المستهلك؟ في الوقت الراهن، تبدو الإجابة غير واضحة بالنسبة لأسر مثل أسرة زينب، التي تجد نفسها عاجزة عن تلبية أبسط احتياجاتها الغذائية وسط غلاء يلتهم دخلها البسيط.