الاستثمار فى البورصة وصناديق الاستثمار

إذا فشلت الصفقة التجارية بين اليابان وأميركا.. قد يتشجع آخرون

أبريل 17, 2025 | by elaal4000@gmail.com

إذا فشلت الصفقة التجارية بين اليابان وأميركا.. قد يتشجع آخرون

يتجه وفد رسمي ياباني إلى العاصمة الأميركية واشنطن لخوض مفاوضات بشأن الرسوم الجمركية، في محادثات لا تنحصر أهميتها على طوكيو فحسب، بل تمتد للعالم بأسره.

تُعد الدولة الآسيوية بمثابة طائر الكناري في منجم الفحم المتمثل في الرسوم الجمركية، إذ إن عجزها عن التوصل إلى اتفاق منصف سيقوض آمال دول أخرى في إبرام صفقات مماثلة بنجاح.

يتولى رئاسة الوفد الياباني ريوسي أكازاوا، وزير الإنعاش الاقتصادي وأحد الحلفاء المقربين منذ فترة طويلة لرئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، حيث أكد أن الهدف الأساسي للمفاوضات هو التوصل إلى صفقة رابحة للطرفين تعزز المصالح المشتركة للبلدين.

اليابان، بصفتها حليفاً أمنياً استراتيجياً للولايات المتحدة، تتمتع بوضع تفاوضي أفضل من أي دولة أخرى تقريباً، لا سيما في ظل تشدد إدارة ترمب تجاه بكين. العالم سيتابع عن كثب ما إذا كانت طوكيو ستحصد فعلاً “ميزة المبادرة”، في وقت تستعد فيه المملكة المتحدة وأستراليا وكوريا الجنوبية والهند لدخول جولات تفاوضية مماثلة لاحقاً.

إلا أن تصريحات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت الذي سيقود الوفد الأميركي في المفاوضات، تعكس احتمال تصاعد التوترات. فرغم تأكيده أن “اليابان لا تزال من أقرب حلفاء أميركا”، إلا أن إشارته إلى أن المحادثات ستتناول إلى جانب الرسوم الجمركية قضايا مثل “الحواجز غير الجمركية وسياسات العملة والدعم الحكومي”، توحي بأنه يهيئ الساحة لعرض شامل لما تحتفظ به إدارة ترمب من ملفات عالقة، سواء كانت واقعية أو مبنية على تصورات مبالغ فيها، تجاه طوكيو.

اليابان من الحمائية إلى التجارة الحرة

بعد أن كان يُنظر إليها باعتبارها دولة حمائية خلال ثمانينيات القرن الماضي، أصبحت اليابان اليوم مناصرة للتجارة الحرة. فقد لعبت دور المنقذ لاتفاق الشراكة العابرة للمحيط الهادئ بعد انسحاب ترمب منه خلال ولايته الأولى، وأسهمت بشكل رئيسي في قيادة الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة التي تغطي معظم حركة التجارة في آسيا.

لكن هل يستطيع أكازاوا إقناع الجانب الأميركي برؤية الصورة الواقعية كما هي؟ 

فقد كانت شكاوى ترمب بعيدة كل البعد عن الواقع، بدءاً من حديثه عن وجود حواجز أمام مبيعات السيارات الأميركية، وصولاً إلى مزاعمه بأن اليابان تفرض رسوم استيراد بنسبة 700% على الأرز، وهو رقم وصفه وزراء يابانيون بأنه “غير مفهوم”.

هذا النمط من التفكير لا يقتصر على الرئيس الحالي فحسب، إذ لطالما وجدت الإدارات الأميركية المتعاقبة، من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ما لا يروق لها في سياسات اليابان. ففي مذكراته التي نُشرت بعد وفاته، يروي رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي كيف أن الرئيس الأسبق باراك أوباما طرح عام 2014 ملاحظات مشابهة لتلك التي يكررها ترمب اليوم.

فخلال عشاء جمعهما في مطعم السوشي الشهير “سوكياباشي جيرو” (Sukiyabashi Jiro)، قال أوباما لآبي: “لم أشاهد سيارة أميركية واحدة في طريقي إلى هنا. عليكم أن تفعلوا شيئاً حيال هذا الأمر”. فرد آبي موضحاً أن اليابان لا تفرض أي رسوم جمركية على السيارات الأميركية، إلا أن أوباما اعترض وأصر على وجود ما سماه بـ”حواجز غير جمركية”. وقد لا يصعب فهم مصدر هذا التصور، إذ أشار معهد هدسون إلى أن السيارات اليابانية تُحقق انتشاراً واسعاً في السوق الأميركية، لدرجة أنها تمثل أكثر من ثلاثة أرباع العجز التجاري بين البلدين.

غير أن آبي رد بأن الشركات المصنعة الأميركية لم تبذل أي جهد يُذكر لتسويق سياراتها في اليابان، فلم تقم حتى بتعديل جهة عجلة القيادة ليتناسب مع نظام الطرق الياباني، ولم تطلق حملات إعلانية عبر التلفزيون كما يفعل المصنعون الأوروبيون. ودون آبي في مذكراته أن أوباما “صمت سريعاً بعد هذا التوضيح”.

نقاط التقاء بين اليابان وأميركا

لا يُعرف عن ترمب أنه يتراجع عند مواجهة الحقائق. لكن مع وجود بيسنت على رأس الوفد الأميركي، فإن اليابان تتعامل على الأقل مع شخصية تابعت شؤونها عن كثب لأعوام. فقد حقق وزير الخزانة الأميركي ثروته من خلال رهانه المبكر على تأثير سياسة “أبينوميكس” في إضعاف الين الياباني، كما أظهر،  في مقاله المنشور عام 2022 حول إرث آبي، مدى تأثره برئيس الوزراء الراحل.

وكتب بيسنت حينها: “أثبت آبي أنه يمكن للمرء وضع مصالح بلاده في المقام الأول، دون التفريط في التحالفات القوية مع الحلفاء. لا شك أن الديمقراطيات الغربية كانت لتستفيد من قيادته ودهائه السياسي”.

توجد بالفعل نقاط التقاء كثيرة يمكن للطرفين البناء عليها. فإذا أراد بيسنت مناقشة قضايا العملات، فإن اليابان سترحب بارتفاع قيمة الين مقابل ضعف الدولار لما لذلك من دور في تخفيف الضغوط التضخمية. كما أن طوكيو، بصفتها أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال عالمياً وساعية لتنويع مصادر إمداداتها، ستكون على الأرجح منفتحة على الشراء من مشروع ألاسكا المُخطط له والبالغة تكلفته 44 مليار دولار. كذلك قد تجد فرصة مواتية لشراء مزيد من المعدات العسكرية الأميركية المتطورة.

كما يمكن لليابان تقديم بعض التنازلات الشكلية للجانب الأميركي، مثل تعديل معايير السلامة لتسهيل بيع السيارات الأميركية في أسواقها (وهي خطوة لن تؤثر على مبيعات الشركات المحلية بأي حال). أو ربما تتمكن من ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال استيراد مزيد من الأرز الأميركي للمساعدة في تخفيف الضغوط السعرية على هذه السلعة الأساسية.

الفرص السياسية وراء الرسوم الجمركية

رغم تأكيد إيشيبا المتكرر أن الرسوم الجمركية تُشكل “أزمة وطنية”، إلا أن هذه الأزمة قد تكون فرصة مقنعة. فقد ساعدت في إبعاد الأنظار عن فضيحة تمويل كانت قد هددت مستقبله السياسي لفترة قصيرة، وأزالتها عن صدارة الأخبار. كما توفر له هذه القضية ذريعة للتخلي عن سياسة الانضباط المالي وزيادة الإنفاق قبل انتخابات مجلس الشيوخ المرتقبة هذا الصيف.

تمتلك اليابان بالفعل ورقة ضغط قوية، إذ إنها، وبفارق كبير، تُعد أكبر مالك لسندات الخزانة الأميركية. ومع ذلك، وبخلاف التقارير التي أشارت إلى أن اليابان هي السبب في ارتفاع العوائد، وهو ما يُعتقد أنه دفع ترمب للتريث، فإنه من الصعب تصور أن طوكيو قد تلجأ إلى هذا النوع من المجازفة الدبلوماسية.

وعلى الرغم من تصريحات إيشيبا يوم الإثنين بأن اليابان لن تستسلم في سبيل التوصل إلى صفقة سريعة، فإن أكازاوا سيحرص بلا شك على اتباع نهج حذر.

ومع ترمب، الذي نادراً ما يسلك الطريق المتوازن، فإن فشل طوكيو في تأمين صفقة إيجابية قد يدفع دولاً أخرى للاعتقاد بأن الخيار الأفضل هو المواجهة.

#إذا #فشلت #الصفقة #التجارية #بين #اليابان #وأميركا. #قد #يتشجع #آخرون
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
📡 المصدر : #الشرق
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

RELATED POSTS

View all

view all