يُتوقع أن يكون التضخم في الولايات المتحدة قد تباطأ في مارس، وذلك بفضل انخفاض أسعار الطاقة جزئياً، مما يوفر بعض الراحة للمستهلكين قبل أن تبدأ الرسوم الجمركية في التأثير على الاقتصاد.
من المرجح أن يسجل مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعاً بنسبة 0.1% مقارنة بشهر فبراير، وهو أقل ارتفاع شهري منذ ثمانية أشهر، بحسب التقديرات المتوسطة لاستطلاع أجرته “بلومبرغ” لآراء خبراء اقتصاديين.
في الوقت نفسه، يُتوقع أن يسجل ما يُعرف بالمؤشر الأساسي –الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة– ارتفاعاً بوتيرة أقوى نسبياً تبلغ 0.3%. ومع ذلك، من المرجح أن يكون كلا المقياسين قد سجلا تباطؤاً في الزيادة على أساس سنوي، وفقاً لتقرير مؤشر أسعار المستهلكين المنتظر صدوره يوم الخميس.
أعلن الرئيس دونالد ترمب، يوم الأربعاء، عن تعليق لمدة 90 يوماً على الرسوم الجمركية المرتفعة التي فُرضت قبل ساعات فقط على عشرات الشركاء التجاريين، مع الإبقاء حالياً على معدل أساسي قدره 10%. كما رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية، بعد أن ردّت بكين بإجراءات مماثلة.
يُذكر أن بعض هذه الرسوم كان مطبقاً منذ فبراير، ويتوقع عدد من الاقتصاديين أن تؤثر على تقرير التضخم لشهر مارس، خصوصاً على أسعار السلع المستوردة من الصين مثل الملابس والأثاث والإلكترونيات.
ضغوط على الأسعار
كتب خبراء اقتصاد في “دويتشه بنك” بقيادة بريت رايان في مذكرة: “نظراً لأن نحو 20% من واردات الملابس تأتي من الصين، فقد تبدأ الضغوط السعرية الناتجة عن الرسوم التي فرضها ترمب في فبراير بالظهور في هذه البيانات”.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يكون بعض المستهلكين قد سارعوا بشراء منتجات مثل السيارات لتجنب الرسوم المستقبلية، مما أدى إلى زيادة الضغوط على الأسعار.
من جانبها، أشارت مجموعة “يو بي إس” إلى أن الجولة الأولى من الرسوم الجمركية قد تستغرق وقتاً أطول قبل أن تُنقل فعلياً إلى المستهلكين، مستندة إلى ما حدث خلال الولاية الأولى لترمب. وتُقدّر المجموعة أن أسعار السلع -باستثناء الغذاء والطاقة والنقل- سترتفع خلال الأشهر الستة المقبلة، منهية بذلك فترة الانخفاض في التضخم التي ساعدت في كبحه العام الماضي.
وقال الخبير الاقتصادي لدى “يو بي إس”، آلان ديتمايستر: “استناداً إلى تأثير الرسوم الجمركية في الفترة 2018–2019، نتوقع أن تظهر التأثيرات الكبرى للزيادات في الرسوم خلال شهري فبراير ومارس في مؤشر أسعار المستهلك الأميركي خلال الفترة الممتدة من مايو إلى أغسطس”.
وقال كلا من آنا وونغ وكريس جي. كولينز من “بلومبرغ إيكونوميكس”: “سيحمل تقرير مؤشر أسعار المستهلك لشهر مارس رسائل متضاربة. فمن جهة، من المرجح أن تستمر فئة الخدمات -وربما بوتيرة متسارعة- في الاتجاه الانكماشي، ومن جهة أخرى، قد تبدأ الرسوم المفروضة على الصين برفع أسعار السلع. أما تقرير أبريل، والمقرر صدوره في 13 مايو، فسيوفر أدلة أوضح، إذ إنه يغطي فترة ارتفعت فيها الرسوم على الصين إلى أكثر من 100%”.
تكاليف الخدمات
أظهر مؤشر رئيسي لتضخم الخدمات، يُستثنى منه قطاع الإسكان ويتابعه مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن كثب، انخفاضاً منذ العام الماضي، مما ساهم في الاتجاه العام نحو الانكماش.
ويتوقع سامويل تومبس وأوليفر آلن من “بانثيون ماكرو إيكونوميكس” استمرار هذا الاتجاه في مارس، مع ضعف الطلب على تذاكر الطيران والفنادق، ما عوّض الزيادات في فئات أخرى، وأشارا إلى أن “عدداً قليلاً نسبياً من شركات الخدمات رفعت أسعارها مؤخراً”.
تكرر هذا التقدير في توقعات “بي إن بي باريبا”، حيث رأى المحللون أنه مع تباطؤ نمو الأجور السنوي، من غير المرجح أن تشهد فئات عديدة في قطاع الخدمات تغيّراً كبيراً في تقرير مؤشر أسعار المستهلك لشهر مارس.
وقال الاقتصاديان آندي شنايدر وبريتني جاكسون في مذكرة: “نظراً للتراجع الحاد في ثقة المستهلك، لا يمكن استبعاد أن تكون قراءات فبراير الضعيفة لأسعار تذاكر الطيران والفنادق تعكس نظرة مستقبلية قاتمة لهذه الصناعات. سنركّز على ما إذا كانت هذه الوتيرة الضعيفة ستستمر في مارس”.
أسعار البيض
بعد ارتفاع كبير في أسعار البيض بداية العام، من المرجح أن يكون مارس قد شهد بعض التراجع. ويتوقع عدد من الاقتصاديين أن تنخفض الأسعار في المستقبل مع تراجع حالات إنفلونزا الطيور ولجوء المستهلكين إلى بدائل.
بحسب ما كتب خبراء اقتصاد في “مورغان ستانلي” في مذكرة فإن “الانخفاض الأخير في حالات إنفلونزا الطيور والانخفاض المستمر في أسعار الجملة يشير إلى أن انخفاض أسعار البيض سيبدأ في أبريل، مما سيؤدي إلى تراجع مؤشر أسعار الغذاء المنزلي على الأقل حتى تبدأ الرسوم الجديدة بالتأثير على أسعار المواد الغذائية المحلية”.
