توج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته إلى الرياض، بتوقيع عدد من الاتفاقيات الاستثمارية، في عدد من القطاعات الرئيسية أبرزها الطاقة والطاقة المتجددة والنقل والمواصلات وتدوير النفايات، وسط تطلع البلدين لتوسيع الشراكة بعد توقيع مذكرة تفاهم لتشكيل مجلس الشراكة الاستراتيجي.
استضافت العاصمة السعودية الرياض الثلاثاء، منتدى “الاستثمار السعودي-الفرنسي” بهدف تعزيز الشراكة الاقتصادية مع ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي. ويأتي المنتدى على هامش زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة الاثنين للمشاركة في قمة “المياه الواحدة”، حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقمة “المياه الواحدة” مبادرة تقودها السعودية بالشراكة مع فرنسا وكازاخستان والبنك الدولي.
واستعرض المنتدى الاستثماري، الذي يحمل شعار “رؤية المملكة 2030 – خطة فرنسا 2030: الاستثمار المتبادل عبر الرؤيتين”، الخطط الاستراتيجية للبلدين حتى عام 2030. وتخلل المنتدى جلسات حوارية تضم وزراء، ومسؤولين تنفيذيين، وقادة أعمال، بهدف مناقشة فرص الشراكة والتعاون طويل الأمد، وتحقيق النمو المشترك في القطاعات الحيوية، وفق ما أوردته “واس”. كما ناقش المنتدى سبل الاستفادة من التحول الرقمي، مع التركيز على تعزيز مبادرات الطاقة الخضراء والتبادل الثقافي بين البلدين.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن شراكة بلاده الاقتصادية مع المملكة تنمو في كل المجالات، مؤكداً في كلمته خلال المنتدى: “توصلنا إلى مشاريع اقتصادية مشتركة وواعدة مع السعودية”، لافتاً إلى أن باريس تعمل على توسيع نطاق الشراكات مع السعودية وتعزيزها بمزيد من الاستثمارات. وشدد ماكرون على مكانة السعودية كـ”شريك موثوق” لفرنسا على مدى سنوات طويلة؛ مؤكداً أن البلدين يعملان على مشاريع اقتصادية مشتركة تعكس قوة علاقتهما الثنائية.
ومن جانبه، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن “الشراكة مع فرنسا مهمة للطرفين وتتطور بشكل مستمر”.
ووقعت السعودية وفرنسا اتفاقيات جديدة في عدد من القطاعات الرئيسية أبرزها الطاقة والنقل وإعادة التدوير، حيث تم توقيع اتفاقيات لتوفير الوقود المستدام للطيران بين شركات سعودية وفرنسية.
أبرز الاتفاقيات:
- اتفاقية بين وزارة الاستثمار ووزارة النقل والخدمات اللوجستية وشركة “CMA CGM” الفرنسية لشحن الحاويات.
- اتفاقية لتعزيز التعاون في مجالات نقل الركاب وصيانة الطائرات بين السعودية والخطوط الجوية الفرنسية “KLM”.
- اتفاقية بين شركة أرامكو، وشركة الاستثمار السعودية لإعادة التدوير “SIRC”، مع “توتال إنيرجيز”، لتطوير محتمل لمعمل وقود طيران مستدام في المملكة.
- إتفاقية بين شركة “SIRC” وشركة “فيوليا” بشأن إدارة النفايات وإعادة التدوير.
- اتفاقية بين الشركة السعودية لشراء الطاقة و”توتال” لتنفيذ مشروع محطة “رابغ 2” للطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية 300 ميغاواط.
- اتفاقية شراء الطاقة بين الشركة السعودية لشراء الطاقة وشركة “EDF Renewables” وشركة SPIC لمحطة الطاقة الشمسية الحناكية 2.
- اتفاقية شراء الطاقة بين الشركة السعودية لشراء الطاقة وشركة كهرباء فرنسا “EDF” وشركة “SPIC” الصينية لمحطة الطاقة الشمسية.
- اتفاقية تطوير الاقتصاد الدائري للنفايات في المملكة بين شركة “SIRC” وشركة فرنسية.
السعودية تستحوذ على “UP42”
من جانبها، أعلنت شركة “نيو سبيس غروب” (Neo Space Group) المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، عن توقيعها اتفاقية نهائية مع شركة “إيرباص للدفاع والفضاء” للاستحواذ على منصة “UP42″، وهي منصة رقمية لمراقبة الأرض، وفقاً لبيان صحفي صدر اليوم، وستلعب المنصة دوراً رئيسياً في تطوير نظام متكامل لمراقبة الأرض في السعودية. ولم يذكر البيان قيمة الصفقة.
وقد حصلت الشركات الفرنسية على 117 ترخيصاً للعمل في السوق السعودية هذه السنة، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 503 تراخيص، في حين تتخذ 33 شركة فرنسية في المملكة مقراً إقليمياً لها.
وارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة لفرنسا في السعودية إلى ما يزيد عن 17 مليار يورو في الوقت الحالي، بعد أن ضخت باريس استثمارات بقيمة ثلاثة مليارات يورو بالبلاد في 2023، وفقاً لما قاله وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح في المنتدى الاستثماري السعودي الفرنسي اليوم الثلاثاء. وبذلك تصبح فرنسا ثاني أكبر دولة مستثمرة في المملكة، في الوقت الذي بلغ فيه التبادل التجاري بين البلدين أكثر من عشرة مليارات يورو في العام الماضي، بحسب ما ذكره الفالح في المنتدى المنعقد في الرياض.
كان ماكرون قد نوّه في منشور عبر “إكس” بالاتفاقيات وكتب: “مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، نوقع الليلة شراكة استراتيجية. الطاقة، الدفاع، التنقل، الثقافة والمزيد”، وأضاف: “سنعزز تعاوننا في جميع المجالات”.
يتسع نطاق التعاون بين فرنسا والمملكة قطاعات اقتصادية، من أحدثها “التنقل المستدام”، والذي تجسد قبل أيام في إطلاق المرحلة الأولى من مسارات “مترو الرياض” الستة، والتي يرى وزير الاستثمار السعودي أنها تمثل البداية فقط للشراكة المتنامية سريعاً بين السعودية وفرنسا في هذا القطاع.
والمشروع أطلقته شركة “مترو العاصمة” وهي مشروع مشترك بين “آر إيه تي بي ديفيلوبمنت” (RATP Dev) الفرنسية، و”الشركة السعودية للنقل الجماعي” (سابتكو) و”ألستوم” (Alstom)، وقد افتتحه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الأسبوع الماضي، ليكون أحد عناصر منظومة النقل في العاصمة، ويشمل 6 مسارات بطول 176 كيلومتراً و85 محطة تربط مختلف شرايين المدينة.