الاستثمار فى البورصة وصناديق الاستثمار

لماذا يرغب “الفيدرالي” في الاحتفاظ بمزيد من ديون الحكومة الأميركية؟

أبريل 6, 2025 | by elaal4000@gmail.com

لماذا يرغب “الفيدرالي” في الاحتفاظ بمزيد من ديون الحكومة الأميركية؟

أثار الاحتياطي الفيدرالي بعض التساؤلات بقراره الأخير إبطاء وتيرة تقليص حيازته من سندات الخزانة الأميركية التي تتجاوز قيمتها 4 تريليونات دولار. فعلى سبيل المثال، هل يستعد الاحتياطي الفيدرالي فقط لتعديل سقف الدين الحكومي، أم أنه يسعى لتجنب حدوث أزمة في سوق السندات الأميركية؟. مع اعتذاري عن جعل الموضوع أقل إثارة أو تشويقاً، سأختار التفسير الأكثر بساطة.  

التيسير الكمي بعد الأزمة المالية

على مدى العقدين الماضيين، أدّت حيازة الاحتياطي الفيدرالي من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري دوراً جوهرياً في السياسة النقدية.

بعد الأزمة المالية في عام 2008 وأثناء الجائحة العالمية، أدّت مشتريات الاحتياطي الفيدرالي من الأصول- المعروفة بالتيسير الكمي- إلى خفض أسعار الفائدة طويلة الأجل وزيادة الاحتياطيات التي تحتفظ بها البنوك لديه.

منذ مارس 2022، بدأ البنك المركزي الأميركي في تقليص برنامج التحفيز، مما سمح بتراجع حيازته تدريجياً بهدف الوصول إلى مستوى الاحتياطيات الذي تحتاجه البنوك لتلبية متطلباتها من السيولة، مع وجود احتياطي أعلى من ذلك لضمان سلامتها. لكن الآن، يزيد الصراع الوشيك في الكونغرس بشأن رفع سقف الدين الفيدرالي من تعقيد الأمور. 

الاحتياطيات وتفادي الأزمات المالية

عندما تصل الحكومة إلى سقف الدين، لن تتمكن من الاقتراض لتمويل العجز. ولسداد المدفوعات، يتعين على وزارة الخزانة السحب من رصيدها لدى الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يضيف مئات المليارات من الدولارات إلى احتياطيات النظام المصرفي. 

لاحقاً، عندما يوافق الكونغرس على زيادة سقف الدين، كما جرت العادة، ستقوم وزارة الخزانة بإعادة بناء رصيدها لدى الاحتياطي الفيدرالي، مما سيؤدي إلى استنزاف الاحتياطيات بوتيرة سريعة. وإذا هبطت الاحتياطيات إلى مستوى منخفض جداً، فقد تضطر البنوك إلى التنافس بشدة للحصول على السيولة. 

لا يريد الاحتياطي الفيدرالي تكرار ما حدث في سبتمبر 2019، عندما أدى نقص الاحتياطيات إلى قفزة في أسعار الفائدة. يعتبر الاحتياطي الفيدرالي أن المعروض الحالي أعلى بكثير من المستوى “الكافي”، وهو الحد المطلوب لضمان عدم زعزعة استقرار أسعار الفائدة بسبب التقلبات قصيرة الأجل في الاحتياطيات، لكنه لا يستطيع تحديد مقدار الاحتياطيات التي ستحتاجها البنوك بدقة.

لذلك، ومن باب الحيطة والحذر، وضمان بقاء الاحتياطيات وفيرة مع إعادة بناء وزارة الخزانة لرصيدها النقدي، يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتعديل وتيرة التشديد الكمي. وابتداءً من الشهر الجاري، سيُخفّض الاحتياطي الفيدرالي الحد الأقصى لانخفاض حيازاته الشهرية من سندات الخزانة من 25 مليار دولار إلى 5 مليارات دولار. سيبقى الفيدرالي الحد الأقصى لانخفاض حيازات سندات الرهن العقاري دون تغيير عند 35 مليار دولار، (رغم أن الانخفاض الفعلي كان أبطأ، حيث بلغ حوالي 15 مليار دولار شهرياً). 

مع ذلك، سيكون لخطوة الاحتياطي الفيدرالي تأثير طفيف على احتياجات الحكومة الأميركية من الاقتراض. بمجرد رفع سقف الدين، ستضطر الخزانة إلى إصدار ديون أقل قليلاً لتعويض الانخفاض الأصغر في حيازات البنك المركزي. 

خفض الاحتياطي الفيدرالي لوتيرة التشديد الكمي يمثل مبلغاً ضئيلاً في سياق عجزٍ الميزانية البالغ حوالي 2 تريليون دولار سنوياً. لا ينبغي أن يكون لذلك أي تأثير على ما إذا كان مستثمرو السندات يُصابون بالذعر بشأن التوقعات المالية الأميركية، والتي أوافق على أنها قاتمة. كما أن تداعياته على السياسة النقدية تكاد تكون معدومة.

لماذا لم يوقف الفيدرالي التقليص بالكامل؟

قد يتساءل البعض: لماذا لم يوقف الاحتياطي الفيدرالي عملية بيع أو تقليص حيازاته من سندات الخزانة تماماً؟ قد يكون خفض الحد الأقصى لتصفية السندات إلى 5 مليارات دولار شهرياً بمثابة حل وسط يضمن أوسع دعم ممكن للقرار، (رغم أن أحد محافظي الاحتياطي الفيدرالي، كريس والر، لا يزال يعارض ذلك). 

بدلاً من ذلك، قد يشير ذلك إلى إمكانية زيادة وتيرة تقليص الحيازات مرة أخرى إذا رفع الكونغرس سقف الدين قريباً. لكني أشك في حدوث ذلك، فالمداولات تمتد على الأرجح فترة طويلة، وسيكون استنزاف الاحتياطيات كبيراً عندما تعيد الخزانة بناء رصيدها النقدي لدى الاحتياطي الفيدرالي.

هل يمكن أن يؤدي نقص الاحتياطيات إلى زعزعة استقرار الأسواق؟ هذا ليس مستبعداً تماماً، لكن المخاطر أقل مما كانت عليه في عام 2019، لأن الاحتياطي الفيدرالي أنشأ تسهيلات إعادة شراء دائمة، تتيح للبنوك الاقتراض مقابل سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، وذلك عند الحد الأعلى لنطاق سعر الفائدة المستهدف من قبل البنك المركزي.

تسهيلات إعادة الشراء وتجنب المخاطر

قد تتردد البنوك في استخدام هذه التسهيلات، خشية أن يُنظر إليها على أنها تعاني من ضائقة مالية. ولكن إذا ارتفعت أسعار الفائدة في أسواق المال القصيرة الأجل إلى ما يتجاوز المعدلات التي يقدمها الاحتياطي الفيدرالي، فمن المتوقع أن تتلاشى أي مخاوف بشأن السمعة أو النظرة السلبية. ففي النهاية، لماذا لا تلجأ البنوك للاقتراض بأقل سعر فائدة متاح؟. 

الخطوات المستقبلية في السياسة النقدية للفيدرالي

في مرحلة ما، عندما يظل هناك هامش كبير فوق المستوى الذي يقدّره الاحتياطي الفيدرالي كاحتياطيات مرغوبة للبنوك، فمن المرجح أن يوقف تقليص حيازته من سندات الخزانة تماماً. ويتجه حينها إلى إعادة استثمار المدفوعات المسبقة لسندات الرهن العقاري في سندات الخزانة، للحفاظ على مستوى الاحتياطيات الضروري لدعم النمو الاقتصادي.

ولتحقيق هدفه المتمثل في امتلاك محفظة سندات خزانة تعكس السوق الأوسع، يتعين عليه زيادة مشترياته من أذون الخزانة قصيرة الأجل، والتي لا تحظى حاليًاً بتمثيل كافٍ (إذ تبلغ نحو 195 مليار دولار فقط من إجمالي يتجاوز 4 تريليونات دولار). 

كما يتجه الفيدرالي نحو بناء محفظة تحتوي فقط على سندات الخزانة الأميركية، ولكن ببطء شديد: سيرغب في الاحتفاظ بأوراق الرهن العقاري حتى تاريخ استحقاقها بدلاً من تسجيل الخسائر التي قد تترتب على البيع- ولا يزال أمام العديد من تلك الأوراق المالية 25 عاماً على الأقل. 

#لماذا #يرغب #الفيدرالي #في #الاحتفاظ #بمزيد #من #ديون #الحكومة #الأميركية
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
📡 المصدر : #الشرق
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

RELATED POSTS

View all

view all