الاستثمار فى البورصة وصناديق الاستثمار

كيف يواجه المغرب معضلة زيادة “الكاش”؟

مايو 18, 2025 | by elaal4000@gmail.com

كيف يواجه المغرب معضلة زيادة “الكاش”؟

لدى المغرب أحد أعلى معدلات تداول النقد في العالم إذ يُمثل نحو 30% من الناتج المحلي، وهو ما تحاول السلطات في المملكة بكل الوسائل خفضه، لكن المهمة لا تبدو سهلة.

بنهاية مارس الماضي، ناهزت قيمة “الكاش” المتداول بين المغاربة نحو 437 مليار درهم (47 مليار دولار) بزيادة 9% على أساس سنوي، وقفزةً بنحو 65% مُقارنةً بالمستوى الذي كانت عليه قبل خمس سنوات، وفقاً لأحدث بيانات بنك المغرب المركزي.

تعددت مبادرات الحكومة من تشجيع الدفع الرقمي والتوعية بسلبيات “الكاش” وتكلفته المرتفعة إلى تشجيع الشركات المتوسطة والصغيرة لاعتماد حلول الدفع الجديدة. في المقابل يتمسك المغاربة بالنقود فيما يبدو وكأنها “علاقة وطيدة” عصية على التفكك.

لماذا “يحب” المغاربة “الكاش”؟

منذ عام 2018، أطلق بنك المغرب المركزي عدة مبادرات لخفض نسبة النقد المتداول، من بينها الدفع وإرسال الأموال عبر الهاتف ضمن استراتيجية الشمول المالي، وانصب تركيزه على محال البقالة الذين يستحوذون على حصة كبيرة من المعاملات المالية اليومية للمغاربة، لكن لم يكن الإقبال متوافقاً مع التطلعات.

في مؤتمر صحفي في يونيو من العام الماضي، قال عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب المركزي، إن ارتفاع تداول “الكاش” من أكبر المشكلات التي يُعاني منها اقتصاد البلاد، وأضاف: “وصلنا إلى أكثر من 400 مليار درهم، هذا يمثل 30% من الناتج المحلي، وهي من المستويات العُليا في العالم”، وأشار إلى أن “هذا الوضع لا يجب أن يستمر”، معلناً عن إحداث لجنة تضم البنوك وعدد من الخبراء لوضع تحليل لهذه المعضلة وتقديم حلول.

كيف جنى المغرب 600 مليون دولار عبر ضريبة تصالح على “الكاش”؟ اقرأ التفاصيل

حاول المركزي دراسة العوامل التي تؤدي إلى هذا الارتفاع المقلق، ومن ضمن ما خلص إليه أن ذلك “مرتبط بثقافة مترسخة لدى المواطن وتفضيله التعامل بالنقد، إضافة إلى مشكل القطاع غير الرسمي”. ونبّه من أن هذا الارتفاع يثير مخاطر عدة من بينها غسيل الأموال وتمويل الإرهاب بالنظر لصعوبة تتبع النقد المتداول.

يُفسر محمد الشيكر، الخبير الاقتصادي، تفضيل المغاربة للتعامل بالنقد بعدة عوامل، منها كون التعامل مع البنوك يشترط أن يكون لدى الفرد دخل شهري ثابت، وهو ما ليس متاحاً للجميع، إضافة إلى أن ارتفاع مستوى الأمية يحول دون لجوء فئة كبيرة إلى فتح حساب بنكي. وأشار في حديث لـ”الشرق” أن “الرغبة في تفادي مراقبة إدارة الجبايات من بين العوامل الأساسية، إضافة إلى حجم القطاع غير الرسمي الذي تُؤدى فيه الأجور نقداً عوض التحويل البنكي”.

يشكل الاقتصاد غير الرسمي جزءاً كبيراً من الاقتصاد المغربي، وغالباً ما يعتمد هذا القطاع على التعامل النقدي لتفادي الضرائب والتعاملات الرسمية، وتم تقدير حجمه من طرف البنك المركزي بنحو 30% من الناتج المحلي. وتحاول السلطات خفض هذه النسبة بجعل التحول نحو القطاع الرسمي أكثر سهولة وجاذبية، من خلال زيادة الفوائد والامتيازات المتاحة وتقليل التكاليف لممارسة الأعمال.

رغم استفحال معضلة “الكاش” وما تخلفه من عجز السيولة للبنوك، لا يُفكر المغرب في فرض ضريبة على استعمال النقد أو استبدال الأوراق النقدية بأخرى جديدة، وهي طرق استعملتها عدة دول. إذ يرى والي المركزي المغربي أنه في الأخير “يبقى استعمال النقد حقاً للمواطن”.

ما العمل لخفض استفحال “الكاش”؟

“بإمكان المغرب الحد من ارتفاع استعمال النقد بتشجيع حلول الدفع غير النقدية في عدد من القطاعات، على رأسها النقل العمومي، لأنه مجال يتم فيه التداول بكثرة للنقود”، بحسب ليلى سرحان، المدير الإقليمي في شمال أفريقيا ودول المشرق وباكستان في شركة “فيزا” للمدفوعات الإلكترونية والخدمات المالية في حديث لـ”الشرق”.

هذا الرأي يؤيده أيضاً ياسين ركراكي، عضو فريق عملة اليورو الرقمية في الشركة الفرنسية “وورلد لاين” (Worldline) للمدفوعات الرقمية. ويشير في حديث لـ”الشرق” إلى أن تشجيع الدفع الرقمي في وسائل النقل أحد الحلول الأساسية لمواجهة هذه المشكلة.

تحفيز الشركات المتوسطة والصغيرة يُعد إحدى الجبهات التي يعمل المغرب عليها في هذا الصدد، فنسبتها تمثل أكثر 95% من الشركات في البلاد، وأغلبها تعتمد في معظم تعاملاتها التجارية على حلول دفع تقليدية مثل النقد والشيكات.

يرى محمد حوراني، رئيس مجلس إدارة شركة “HPS” المتخصصة بحلول وبرمجيات المدفوعات البنكية، أن “دعم انتشار الشمول المالي عبر وصول الخدمات المالية إلى الجميع، في المدن والقرى، هو الطريقة الرئيسية لخفض نسبة الكاش”، وأضاف في حديث لـ”الشرق”: “أن كلفة الدفع غير النقدي يجب أن تكون أقل مُقارنة بالكاش. هذا هدف يتطلب تظافر جهود الجميع، لكي نواكب توجه السوق العالمية من خلال اعتماد حلول الدفع الآني للاستفادة من مزاياه العديدة”.

من شأن إقرار تحفيزات ضريبية على اعتماد المدفوعات الرقمية من طرف الشركات المتوسطة والصغيرة أن يُخفف من النقد المتداول، بحسب ليلى سرحان، ودعت الحكومة إلى التفكير في سياسات ضريبية، وهي توصية طالما تبناها بنك المغرب المركزي. قالت المسؤولة في شركة “فيزا” إن “المغرب مُقبل على تظاهرات رياضية كبيرة، على رأسها كأس العالم 2030، ومن شأن تشجيع استعمال الحلول الجديدة للدفع أن يوفر للمشجعين تجربة جيدة، في الطريق إلى الملعب وداخله وخارجه”.

العملات المشفرة والعملة الرقمية للبنك المركزي

تمثل العملات المشفرة والعملة الرقمية للبنك المركزية أحد الحلول المطروحة في العالم لدعم الشمول المالي وخفض نسبة “الكاش”. إذ يفكر حوالي 90% من البنوك المركزية في العالم لإطلاق صيغة رقمية لعملاتها الرسمية، وهي مساعي انخرط فيها المغرب، وبات يفكر أيضاً في تقنين العملات المشفرة بدعم من صندوق النقد الدولي في سعيه لرقمنة المدفوعات بشكل أكبر. يُتوقع أن يصدر المغرب عملة الدرهم الرقمية في غضون السنوات الخمس المقبلة بعد إجراءات الدراسات اللازمة، بحسب ياسين ركراكي.

كان والي بنك المغرب المركزي صرح في يونيو بأنه تم الانتهاء من مسودة مشروع قانون لتقنين العملات المشفرة وأيضاً العملة الرقمية للدرهم ويوجد حالياً قيد الدراسة من طرف وزارة الاقتصاد والمالية وعدد من الهيئات الحكومية.

“يُتوقع أن يتناقص استعمال النقد مستقبلاً، وهو أمر مطلوب لأنه مكلف وقذر، ووراءه الكثير من عمليات غسيل الأموال”، بحسب ركراكي الذي يعمل ضمن فريق على مشروع عملة اليورو الرقمية في الاتحاد الأوروبي. كانت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، صرحت في أبريل الماضي بأن إطلاق “اليورو الرقمي” قد يتحقق بحلول أكتوبر 2025، في خطوة تعكس تحول النظام المالي الأوروبي نحو العملات الرقمية.

لا يعتمد الأمر فقط على تشجيع استعمال حلول الدفع غير النقدية في قطاعات مثل وسائل النقل، بل يتوقف الأمر أيضاً على تشجيع القطاع الخاص ليكون منخرطاً بشكل أكبر. قالت ليلى سرحان إن “الأمر يتوقف على مشاركة المنظومة بأكملها، من بنوك وشركات وهيئات مهنية، وجعل حلول الدفع الرقمية أقل تكلفة”.

#كيف #يواجه #المغرب #معضلة #زيادة #الكاش
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
📡 المصدر : #الشرق
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

RELATED POSTS

View all

view all