تعيش صناعة السيارات العالمية واحدة من أكثر فتراتها اضطراباً، حيث بدأت تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب تُحدث تحولاً فعلياً في موازين السوق العالمية.
من أبرز المتأثرين، شركة “تسلا” التي تكبدت خلال الشهور الثلاثة الماضية تراجعاً حاداً في المبيعات، وكان الانخفاض الأحدث في الصين حيث تراجعت شحنات تسلا من مصنعها في شنغهاي بنسبة 6% في أبريل، للشهر السابع على التوالي.
هذا التراجع لم يقتصر على آسيا. في أوروبا، واصلت “تسلا” خسارة حصتها السوقية، مع تراجع حاد في تسجيلات السيارات الجديدة في ألمانيا بنسبة 46%، و62% في بريطانيا، رغم ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية عموماً في القارة.
والسبب ليس فقط المنافسة والرسوم الجمركية، بل غضب أوروبي من مواقف ماسك السياسية، التي أدت إلى تضرر الصورة الذهنية للعلامة الأميركية، بحسب بيوت الخبرة.
في المقابل، حققت “بي واي دي” (BYD) الصينية أفضل مبيعات شهرية على الإطلاق، مع تجاوز مبيعات السيارات الكهربائية حاجز 195 ألف وحدة، في وقت تستعد فيه لإطلاق طرز جديدة مدعومة بتقنيات الشحن السريع والقيادة الذكية.
في هذه الأثناء، نجحت شركات أوروبية مثل “بي إم دبليو” (BMW) في التماسك أمام هذه العاصفة، إذ جاءت نتائجها المالية أفضل من المتوقع رغم انخفاضها، مدعومة بارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا بنسبة 64% مما عوض أثر ضعف في الصين، وتوقعت الشركة أن يتراجع أثر الرسوم تدريجياً بدءاً من يوليو المقبل.
تحذيرات بشأن الأرباح
أطلقت كل من “فورد” (Ford) و”ستيلانتيس” (Stellantis) صافرات الإنذار، فكلتاهما علّقت التوقعات المالية للعام الجاري، وقدّرت فورد تكلفة الرسوم بنحو 1.5 مليار دولار.
الضغوط نفسها دفعت “جنرال موتورز” (General Motors) إلى خفض توقعات أرباحها السنوية بنسبة 25%، نظراً لاعتمادها على استيراد 40% من السيارات المبيعة في السوق الأميركي، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف، وسط سوق تنافسي يمنعها من تمرير الزيادات للمستهلك.
على الجانب الأخر، حذرت “تويوتا” (Toyota) من تراجع أرباحها للمرة الثانية على التوالي، وقدّرت أن تبلغ تكلفة التعريفات مليار دولار هذا العام.
حتى الشركات التي ظنّت نفسها في مأمن، لم تسلم من التأثيرات، حيث اضطرت “ريفيان” (Rivian) التي تُنتج سياراتها بالكامل داخل أميركا، لخفض توقعاتها، وبدأت في تخزين البطاريات مسبقًا لتفادي الرسوم.
في خضم هذه التوترات، تحركت “جيلي” (Geely) اليوم بخطوة استباقية للاستحواذ بالكامل على علامتها “زيكر” (Zeekr) مقابل نحو 6.4 مليار دولار، من خلال شراء بقية الأسهم المدرَجة في بورصة نيويورك، تمهيداً لشطب قيد الشركة في البورصة الأمريكية. هذه الخطوة لا تندرج فقط ضمن إعادة الهيكلة، بل تعكس توجهاً استراتيجياً لتقليص الانكشاف الخارجي وسط بيئة تجارية مضطربة.