تسعى كبرى شركات النفط في الولايات المتحدة للضغط على إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب لتنفيذ وعوده الانتخابية بتعزيز هيمنة البلاد على قطاع الطاقة، من خلال توسيع فرص التنقيب، وتخفيف القيود البيئية، وحماية القطاع من الرسوم الجمركية.
تم تلخيص هذه المطالب في 42 صفحة من المذكرات الموجهة إلى 10 وكالات حكومية، والتي يقدمها معهد البترول الأميركي (American Petroleum Institute) إلى فريق ترمب الانتقالي، وهي تهدف إلى ترجمة وعود الرئيس المنتخب بشعار “احفر يا عزيزي، احفر” إلى أفعال ملموسة. ويُعد المعهد الصوت الرئيسي لصناعة النفط في واشنطن، بجانب تاريخه الطويل في التأثير على سياسات الطاقة في البلاد، ومن المتوقع أن يحظى بنفوذ أكبر في ظل إدارة ترمب.
وقال مايك سومرز، الرئيس التنفيذي لمعهد البترول: “نطمح إلى وجود نهج حكومي شامل لتحقيق الهيمنة على قطاع الطاقة”، مضيفاً أن “هذه الوثيقة تمثل أجندتنا الشاملة للهيئات التنظيمية للعودة إلى نهج أكثر عقلانية”.
وعود بتحرير إمكانات الطاقة الأميركية
تعهد ترمب بإطلاق العنان “لمخزون الذهب السائل الهائل الموجود في الأراضي العامة الأميركية”، وإزالة “العراقيل البيروقراطية” التي تقيد بعض مشاريع الطاقة، وإلغاء قرار الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن بوقف الموافقات على صادرات الغاز الطبيعي الجديدة فوراً.
وعلى الرغم من أن شركات النفط تعتبر ترمب حليفاً قوياً، إلا أن بعض مقترحاته تهدد بتقليص أرباحها. فقد أعرب الجمهوري أحياناً عن استيائه من الاستراتيجيات الاقتصادية التي تحكم قرارات مجالس إدارة شركات الطاقة، حيث يخضع المديرون التنفيذيون لضغوط من المساهمين لإبقاء نمو إنتاج النفط تحت السيطرة، وهذا يتناقض تماماً مع رؤيته غير المقيدة لإنتاج النفط التي وصفها خلال حملته الانتخابية. ففي أكتوبر، تفاخر ترمب بأن أسعار الطاقة ستنخفض بشكل كبير نظراً لزيادة شركات النفط لمعدلات التنقيب، قائلاً: “إذا حفروا حتى استنزاف مواردهم، فلن أكترث”.
من جانبه، اقترح سومرز معياراً مختلفاً، مشيراً إلى أن نجاح صناعة النفط يجب أن يُقاس بمدى مساهمتها في “تحفيز الاقتصاد الأميركي وتوفير مسار مستدام للنمو الاقتصادي”.
قلق بشأن الرسوم الجمركية
تخشى شركات النفط من خطط ترمب لفرض رسوم جمركية على بعض السلع المستوردة، مما قد يؤدي إلى زيادة تكاليف المواد المستخدمة في الحفر وخطوط الأنابيب ومصافي التكرير. كما تخشى من فرض رسوم على النفط الخام المستورد من كندا والمكسيك، وهما مصدران رئيسيان يعتمد عليهما قطاع التكرير لإنتاج الديزل والبنزين.
وطالب معهد البترول الأميركي إدارة ترمب بعدم فرض رسوم جمركية على النفط الخام أو الغاز الطبيعي أو أي منتجات أساسية لا يمكن توفيرها محلياً.
عن ذلك، قال سومرز: “أنا واثق أن الرئيس يدرك كيف يعمل نظام الطاقة لدينا ومدى أهمية التجارة العادلة للطاقة، خاصة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك”، مضيفاً أن “ترمب يفهم أهمية التجارة الحرة للحفاظ على انخفاض أسعار المستهلك”.
تخفيف القيود التنظيمية
يضغط معهد البترول لإلغاء أو تخفيف العديد من اللوائح التنظيمية، مثل معايير جودة الهواء ومتطلبات الحد من التلوث الناتج عن محطات الطاقة والسيارات والشاحنات الثقيلة. لكنه دعا وكالة حماية البيئة التابعة لإدارة ترمب إلى تبني نهج أكثر مرونة بشأن القواعد التي تحد من انبعاثات الميثان الصادرة عن البنية التحتية للنفط والغاز.
وأشار المعهد إلى أن إلغاء هذه اللوائح بالكامل لن يلغي التزام وكالة حماية البيئة بتنظيم الغازات الدفيئة، لكنه سيؤدي إلى “عدم يقين كبير” بشأن العمليات والاستثمارات الصناعية. وبدلاً من ذلك، يوصي بإجراء تغييرات طفيفة على هذه اللوائح والعمل مع الحلفاء الأوروبيين الذين فرضوا قيوداً خاصة بالميثان لضمان استمرار مبيعات الغاز الطبيعي الأميركي المسال هناك.
توصيات أخرى قدمها معهد البترول الأميركي:
- الإسراع في إصدار قواعد جديدة لخطوط الأنابيب التي تنقل ثاني أكسيد الكربون كغاز بدلاً من سائل، بحجة أن تأخير نشر معايير السلامة المحدثة “يفاقم مخاوف الجمهور ويعرقل مشاريع البنية التحتية الحيوية”.
- عقد مزادات أكثر لتأجير الأراضي والمياه الفيدرالية للتنقيب عن النفط والغاز، بما يشمل بيع الكتل في خليج المكسيك العام المقبل.
- إلغاء القيود التي فرضتها إدارة بايدن على التطوير في احتياطي البترول الوطني في ألاسكا.
تحذيرات بشأن قانون “جونز”
يحذر المعهد ترمب من إجراء تغييرات على قانون “جونز”، وهو قانون عمره قرن يلزم باستخدام سفن أميركية الصنع والمسجلة والمأهولة بطواقم أميركية. فخلال الولاية الأولى لترمب، فكرت الحكومة في إلغاء أحكام تسمح للسفن الأجنبية بنقل المعدات إلى منصات النفط البحرية. ويحذر المعهد الآن من أن أي تعديل على هذا القانون سيثير “اضطرابات كبيرة في صناعة النفط والغاز الطبيعي والاقتصاد الأميركي ككل”.
في نهاية المطاف، قال سومرز إن المعهد يسعى إلى تحقيق “سياسة طاقة مستدامة”. وأضاف أن الخطة التي قدمها المعهد تُعد “الوصفة لتحقيق تلك السياسة المستدامة في عهد الرئيس ترمب. ونحن نأمل أن تستمر هذه السياسة بغض النظر عن هوية الرئيس الأميركي في المستقبل البعيد”.