تبددت الآمال في انتهاء سريع للتقلبات الحادة في وول ستريت، بعدما قال مسؤول في البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تمضي قدماً في فرض رسوم جمركية على الصين قد تصل إلى 104%.
وتسبّب الإعلان في تقلبات حادة بالأسواق المالية، إذ محت مؤشرات الأسهم مكاسبها التي شكّلت في وقت سابق أكبر موجة صعود منذ عام 2022، وظلّت السوق غير مستقرة بينما يحاول المستثمرون تسعير سيناريو حرب تجارية عالمية، وسط مؤشرات على أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب منفتح على صفقات تعرفة جمركية، لكن المفاوضات لن تكون سهلة.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل، بعد ضعف الإقبال على بيع سندات لأجل ثلاث سنوات في مزاد أميركي. ويواصل مؤشر “إس آند بي 500” تراجعه بأكثر من 10%، منذ أن كشف ترمب عن رسوم جمركية شاملة يعتبرها ضرورية لاستعادة الازدهار الأميركي.
قال سكوت لادنر من “هورايزن إنفستمنتس”: “السبب الأساسي للتراجعات هو غياب اليقين السياسي، ومن المستحيل فعلياً تحديد قاع للسوق قبل زوال هذا السبب الجوهري، أو على الأقل ظهور وضوح في الاتجاه”.
محاولات ترمب للتفاوض لم تخفف من التوتر
في الساعات الأخيرة قبل التنفيذ الكامل للرسوم الجمركية الواسعة، حاول ترمب إطلاق مفاوضات مع حلفاء رئيسيين للولايات المتحدة، لكن الآمال في التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع الصين بدت بعيدة.
في المقابل، أشار الرئيس إلى أن احتمالات التوصل إلى اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية “تبدو جيدة”، بينما أعلنت شخصيات آسيوية وأوروبية عن دبلوماسية مكوكية مع البيت الأبيض.
تسود المخاوف في الأسواق العالمية من احتمال حدوث خلل في النظام المالي بسبب التقلبات بين مختلف فئات الأصول، ما أثار تكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يضطر إلى تسريع خفض أسعار الفائدة.
رئيس “الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو”، أوستن غولسبي، قال إن الرسوم الجمركية “أكبر بكثير” مما كان يتوقع، وإن صناع السياسة قد لا يتمكنون من انتظار ظهور آثارها في البيانات الحكومية، بل يجب عليهم التحدث مباشرة إلى الشركات، لقياس التأثير في الوقت الفعلي.
نقص السيولة والتداول الخوارزمي يؤججان التقلبات
تبدو سوق الأسهم عرضة بشكل خاص لتقلبات شديدة، نتيجة مزيج من ضعف السيولة وتداول خوارزمي مدفوع بالعناوين الإخبارية. وأفادت منصة التداول لدى “غولدمان ساكس” بأن الفجوة بين حجم السوق والسيولة في العقود الآجلة لمؤشر “إس آند بي 500” هي الأوسع في سجلات البنك.
وقال ستيف سوسنيك، كبير استراتيجيي “إنتراكتيف بروكرز”: “هذا ما يحدث في الأسواق عالية التقلب: المبالغة في الاتجاهين. فعمليات البيع تصبح مفرطة، وكذلك ردود الفعل المتسرعة للشراء والملاحقة”.
رغم الاضطرابات التي سببتها حرب ترمب التجارية، ضخ عملاء “بنك أوف أميركا” الأسبوع الماضي رابع أكبر تدفقات لهم إلى الأسهم الأميركية على الإطلاق، بقيمة 8 مليارات دولار.
وكانت جميع فئات المستثمرين – من عملاء المؤسسات، إلى المتداولين الأفراد، وصناديق التحوط – من المشترين الصافين، وفقاً لمذكرة بحثية كتبتها الاستراتيجية جيل كاري هول يوم الثلاثاء.
تحذيرات متزايدة من وول ستريت
في غضون ذلك، تتزايد التحذيرات من استراتيجيي وول ستريت بشأن التوقعات القاتمة للأسهم.
خفّض استراتيجيو “بلاك روك” جان بويفين ووي لي تصنيف الأسهم الأميركية إلى “محايد” من “مرجّح للصعود” على مدى ثلاثة أشهر، متوقعين “مزيداً من الضغوط على الأصول ذات المخاطر في الأجل القريب، بسبب التصعيد الكبير في التوترات التجارية العالمية”.
كذلك، قال فريق استراتيجي في “غولدمان ساكس” بقيادة بيتر أوبنهايمر وليليا بيتافين، إن موجة البيع في الأسهم قد تتحول إلى سوق هابطة دورية تدوم طويلاً، مع تزايد مخاطر الركود.