حسين عبدربه يكتب: البرلمان المصرى يناقش أول قانون لتنظيم حق اللجوء السياسى
نوفمبر 21, 2024 | by elaal4000@gmail.com
تسببت الصراعات والنزاعات المنتشرة فى عدد من دول إقليم الشرق الأوسط فى زيادات كبيرة فى أعداد النازحين الهاربين من دولهم، ولجأ عدد كبير منهم إلى طلب اللجوء فى دول الجوار الآمن أو دول أخرى خارج الإقليم.
ولأن أعداد اللاجئين باتت بالملايين من البشر.. فإنَّ القضية أصبحت أكثر إلحاحًا وأكثر تعقيدًا؛ حيث انقسم العالم إلى دول طاردة، ودول مستقبلة لهؤلاء اللاجئين الذين هربوا من ويلات الحروب والنزاعات فى بلادهم.
وبدأت إشكالية اللاجئين تتضح بشكل ملموس منذ اندلاع ثورات الربيع العربى 2011، وما أعقبها من حالة عدم الاستقرار فى العديد من دول الإقليم.. وكانت مصر من أكثر الدول التى استقبلت أعدادًا كبيرة من اللاجئين منذ اندلاع ثورات الربيع العربى، بدأت بلاجئين من سوريا، واليمن، وليبيا، وأخيرًا من السودان.. حتى إن تقديرات رسمية فى مصر أشارت لوجود نحو 9 ملايين لاجئ فى مصر، وهو ما جعل أصواتًا كثيرة فى مصر رسمية وغير رسمية تطالب بالنظر لقضية اللاجئين، وضرورة تنظيمها، خاصة أن مصر تواجه ظروفًا اقتصادية صعبة تجعلها غير قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها من السلع والخدمات الأساسية.. وأن أى لاجئ يستفيد من الخدمات والسلع المدعومة التى تقدمها الحكومة المصرية لمواطنيها.. هذا بالإضافة إلى أن بعض الأصوات فى مصر تحذر من الاندماج لهؤلاء اللاجئين الذين قد يحملون أفكارًا وعقائد قد تؤثر فى بنيان المجتمع المصرى المترابط.
ومؤخرًا بدأ البرلمان المصرى مناقشة أول مشروع قانون ينظم طلب اللجوء إلى مصر، بما يسمح للحكومة المصرية بأن يكون لها رأى فى قبول أو رفض طالب اللجوء، وفقًا للضوابط التى تشترطها، وبما لا يمثل أعباء على الدولة المصرية.. والملاحظ فى مشروع القانون أن الحكومة حددت الفئات التى يمكن قبول طلباتها للجوء، ومنها كبار السن وذوو الإعاقة، والأطفال، والنساء، والمصابون، والمرضى.. ونصَّ مشروع القانون على إنشاء لجنة دائمة لشئون اللاجئين، تتولى استقبال طلبات اللجوء والبت فيها خلال 6 أشهر بالقبول أو الرفض، وينظم القانون حالات اللجوء وكيفية تواجدها وحقوقها وواجباتها وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين الموقعة عام 1951.. وسبق أن تحفظت مصر على عدد من البنود فى هذه الاتفاقية عند المصادقة عليها فيما يخص تطبيق قوانين الأحوال الشخصية الوطنية للاجئ فى مصر والتعليم وتشريعات العمل والضمان الاجتماعى والسلع التموينية.
حسين عبدربه يكتب: حوكمة العمل الأهلى
وبالرغم من ذلك استثنت مصر بعض الجنسيات العربية من التحفظ الخاص بالتعليم الأساسى مثل السوريين والسودانيين واليمنيين.. والدستور المصرى الصادر فى 2014 نص فى المادة 91 على حق الدولة فى منح حق اللجوء السياسى، ونصت المادة على أن يكون ذلك وفقًا للقانون المنظم للاجئين، ولم يصدر أى قانون ينظم اللجوء السياسى فى مصر سواء قبل دستور 2014 أو بعده إلا ما يجرى حاليًا فى البرلمان من مناقشة لهذا القانون.
وأثناء مناقشة القانون طرح البعض فى مصر كيف أن مصر دولة محورية لدى اللاجئين، فالبعض يلجأ إليها كبلد آمن، وخاصة الجنسيات العربية التى لا تجد صعوبة فى الاندماج فى المجتمع المصرى المشترك معها فى اللغة والدين.. فيما يتخذ البعض مصر كقاعدة لإعادة توطينه فى دول أوروبا سواء عبر مفوضية اللاجئين أو من خلال الهجرة غير الشرعية مستفيدين من موقع مصر بالنسبة لدول جنوب البحر المتوسط الأوروبية.. وعن الأثر الاقتصادى لقضية اللاجئين فى مصر فقد جاءت على لسان رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى الذى قدر التكلفة المباشرة لاستضافة مصر نحو 9 ملايين لاجئ من 133 دولة يقدر بنحو 10 مليارات دولار سنويًا، وإذا كانت الحكومة المصرية تقدر أعداد اللاجئين بنحو 9 ملايين شخص فإن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين تقدر أعدادهم بنحو 600 ألف لاجئ مسجلين لديها من 62 دولة حتى فبراير 2024.
حسين عبدربه يكتب: حسن الخطيب وزير الدولار
والفارق كما توضح دراسة للباحثة بسنت جمال بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية بين أرقام الحكومة المصرية وأرقام مفوضية الأمم المتحدة أن مصر تعتبر كل القادمين إليها من الدول الأخرى ـ كمهاجرين ـ لاجئين لطول إقامتهم، وهو ما تلاحظ فى تنامى أعداد السودانيين فى مصر، فبعد الصراع الداخلى بالسودان توافدت أعداد كبيرة على مصر بجانب وجود أعداد سودانية مقيمة فى مصر تقدر بـ4 ملايين سودانى، بالإضافة إلى أعداد السوريين واليمنيين وأعدادهم لا تقل عن نحو 2.5 مليون شخص.
ولا شك أن ملف اللاجئين فرض تحديات اقتصادية على مصر التى تعانى أزمة اقتصادية، حيث زاد الطلب على السلع من جانب اللاجئين مما ساهم فى عدم قدرة الحكومة على كبح جماح التضخم الذى ارتفع بشكل ملحوظ خلال هذا العام.. بالإضافة لزيادة أسعار العقارات بسبب زيادة طلب اللاجئين على السكن فى مصر، وارتفعت أسعار الوحدات بما يقارب الـ20% للتمليك والـ100٪ للإيجارات، ناهيك عن مزاحمة اللاجئين للمصريين فى فرص العمل والنشاط الاقتصادى سواء فى إقامة المشروعات، كما حدث من جانب السوريين واليمنيين الذين توسعوا فى إقامة المطاعم بشكل كبير فى مصر.
فى المقابل، لم تتلق مصر مساعدات دولية كبيرة لمواجهة هذا التدفق الكبير من جانب اللاجئين خاصة من الدول المجاورة، حيث خصصت الولايات المتحدة 31 مليون دولار كمساعدة للاجئين فى مصر وقدمت ألمانيا 6.8 مليون دولار وايطاليا 3.3 مليون دولار وهولندا 3 ملايين دولار، بينما وجه الاتحاد الأوروبى 2.8 مليار دولار لمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين فى مصر.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
📡 المصدر : #جريدة_البورصة
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
RELATED POSTS
View all