سادت حالة من الارتباك في أسواق آسيا طوال يوم أمس، متأثرةً بتصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول الحذرة تجاه مسار خفض الفائدة العام المقبل، والتي أعقبت قرار خفض أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية.
تأثير تصريحات باول على اتجاهات الأسواق الآسيوية وآفاقها المستقبلية كان محور حلقة “تقرير آسيا” التي عرضته قناة “الشرق” الخميس.
تراجعت الأسهم الآسيوية الخميس، في أعقاب انخفاض الأسهم الأميركية، بعد أن قلّص الاحتياطي الفيدرالي توقعاته بشأن خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل.
انخفضت مؤشرات الأسهم في اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية والصين، مما ساهم بدفع مؤشر الأسهم الإقليمي للهبوط بأكثر من 1%. كما ارتفعت عقود الأسهم الأميركية الآجلة بعدما تكبد مؤشر “إس آند بي 500” أكبر خسارة له منذ عام 2001 في يوم قرار الاحتياطي الفيدرالي. وواصل الين خسائره، في حين تدخل بنك الشعب الصيني لدعم اليوان من خلال التثبيت اليومي.
جانب إيجابي قصير الأجل
غاري آنغ، الاقتصادي الأول لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في “Natixis”، أوضح خلال مشاركته في البرنامج، أن خفض الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي يحمل جوانب إيجابية على المدى القصير، حيث يمنح البنوك المركزية الآسيوية مساحة لخفض أسعار الفائدة إن أرادت ذلك. ومع ذلك، يرى أن هذا التأثير إيجابي فقط على المدى القصير، بسبب توقعات الفيدرالي بإبطاء وتيرة خفض الفائدة العام المقبل.
خفّض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، لتصل إلى أدنى مستوياتها خلال عامين عند 4.5%. ويعد هذا الخفض الثالث على التوالي الذي يجريه الفيدرالي على أسعار الفائدة.
وعقب القرار، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن رفع أسعار الفائدة خلال العام المقبل هو أمر “غير مرجح”، ولكن الفيدرالي لا يستبعد أي خيار، وسيتصرف وفق حاجة السوق.
تتخوف الأسواق من ولاية دونالد ترمب الجديدة، حيث تهدد سياساته الاقتصادية بضغوط تضخمية على الاقتصاد، ما قد يدفع الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة في حال ارتفاع التضخم.
قرار بنك اليابان
في اليابان، قرر البنك المركزي تأجيل رفع أسعار الفائدة والإبقاء عليها عند 0.25%، متماشياً مع التوقعات. ولطمأنة الأسواق، أكد البنك أنه لا يرى حاجة ملحة لرفع الأسعار في الوقت الراهن، نظراً لحالة عدم اليقين الاقتصادي المستمرة. وأشار البنك إلى أن الاقتصاد يتحرك وفقاً لتوقعاته، وأن اتجاه التضخم يبدو متسقاً مع مستهدفاته للنصف الثاني من هذا العام.
تراجعت العملة اليابانية بنسبة 0.4% إلى 155.44 ين للدولار، وهو مستوى لم تسجله منذ نوفمبر. وكانت قيمة الين هبطت بنسبة 0.9% الأربعاء، بعدما خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة.
أنغ يرى أنه رغم قرار بنك اليابان الإبقاء على الفائدة دون تغيير في اجتماع اليوم، فإنه لا خيار أمام المركزي سوى رفعها إذا ما استمرت الأجور في النمو بشكل كبير، وارتفعت الأسعار بسبب ضعف الين مقابل الدولار.
يقول أنغ إن بنك اليابان قد يؤجل تدخله لدعم العملة إلى أن تصل إلى مستوى 162 أو163 يناً مقابل الدولار بدلاً من 160، “خاصة وأن ضعف العملة اليابانية هذه المرة مختلف عن وضعها في يوليو الماضي، فالدولار القوي أضعف جميع العملات الأخرى هذه المرة”.
بحسب توقعات أنغ، سيشهد النمو الاقتصادي في آسيا تباطؤاً العام القادم مقارنة بعام 2024، لكنه سيختلف من دولة إلى أخرى.
أشار آنغ إلى أن الأسواق التي تتأثر بشكل أكبر بالاقتصاد الأميركي، مثل كوريا الجنوبية ودول آسيان، قد تستفيد من فرض قيود على التجارة بين الصين والولايات المتحدة. رغم التحديات، يرى آنغ أن هناك فرصاً واعدة للنمو في آسيا في العام المقبل، ولكنها تعتمد على طبيعة القطاعات والدول المستهدفة.