ارتفعت معظم الأسهم الآسيوية مقتفية أثر مكاسب الأسهم الأميركية، وسط تفاؤل بأن الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تُنهي حرب الرسوم الجمركية الشاملة.
وقادت الأسهم اليابانية المكاسب في المنطقة، حيث صعد مؤشر “توبكس” لليوم الثالث عشر على التوالي، كما سجلت مؤشرات الأسهم في أستراليا وتايوان ارتفاعاً. لكن مؤشر “هانغ سنغ” شهد تراجعاً إلى جانب العقود الآجلة للأسهم الأميركية، بعدما سجّلا قفزة يوم الاثنين.
وفي آسيا، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية بعد أن هوت في نيويورك، مع تقليص المتداولين رهاناتهم على خفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
وجاء هذا الإقبال المتجدد على الأصول عالية المخاطر بعد أن أعلن المفاوضون التجاريون من أكبر اقتصادين في العالم، يوم الاثنين، عن تهدئة متبادلة في الرسوم الجمركية. ووفق بيان مشترك جرى تنسيقه بدقة، خفضت واشنطن الرسوم المفروضة على المنتجات الصينية إلى 30% بدلاً من 145% لمدة 90 يوماً، في حين خفضت بكين معظم رسومها على المنتجات الأميركية إلى 10%.
التخلي عن المراكز الدفاعية
ويعود المستثمرون إلى الأسواق الآسيوية، بعد أن تخلّصوا من المراكز الدفاعية التي اتخذوها أثناء فوضى الرسوم في أبريل. ويُتوقع أن تدعم هذه التهدئة في التوترات التجارية بين أميركا والصين -وربما نهاية مسار الانفصال الاقتصادي بينهما- النمو في أنحاء المنطقة.
وكتب استراتيجيون في “إتش إس بي سي” (HSBC) بقيادة ماكس كيتنر في مذكرة للعملاء: “هناك بوضوح مخاطر صعودية واسعة في أصول المخاطر، إذ من المرجح أن تتوقع الأسواق مزيداً من الاتفاقات خلال الأسابيع المقبلة”. وأضافوا: “قد تصبح المفاوضات التجارية المقبلة أكثر اضطراباً، لكن من الواضح أن الإدارة الأميركية قد غيّرت نبرتها، بحيث ينبغي اعتبار فترات الضعف القادمة فرصاً للشراء”.
وانخفضت التوقعات بحدوث ركود اقتصادي، ما دفع مؤشر الأسهم الأميركية الرئيسي لتجاوز مستواه عند إعلان الرئيس دونالد ترمب عن الرسوم الجمركية الشاملة في 2 أبريل. وساهم الارتفاع في أسهم التكنولوجيا الكبرى في إعادة مؤشر “ناسداك 100” إلى سوق صاعدة، بعد أن كان قد تراجع 20% عن ذروته السابقة قبل نحو شهر فقط.
مع ذلك، من المرجح أن تواصل تداعيات الحرب التجارية تأثيرها على الأسواق العالمية في الأشهر المقبلة. Tفي اليابان، قال رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، يوم الاثنين، إن حكومته لن تقبل بأي اتفاق تجاري أولي مع الولايات المتحدة لا يتضمن صفقة بشأن السيارات. وهبطت العقود الآجلة للسندات الحكومية اليابانية، في ظل تراجع الطلب على الأصول الآمنة وتحسباً لمزاد سندات لأجل 30 عاماً.
ارتياح في الصين
أما في الصين، فسادت أجواء من الارتياح بعد أن أثمرت المفاوضات التجارية عن نتائج ملموسة سريعاً. وارتفع مؤشر “سي إس آي 300” للأسهم الصينية لليوم الثاني على التوالي، في حين تراجع مؤشر “هانغ سنغ” بنسبة 1%.
وكتب باتريك بان، محلل الأسهم في “دايوا كابيتال ماركتس” في هونغ كونغ: “نتوقع أن تدفع موجة التفاؤل التجاري بأسهم الصين إلى الارتفاع في المدى القريب، ومن المرجح أن يتجه مؤشر هانغ سنغ نحو ذروته المسجلة في مارس”. وأضاف: “نرى فرصاً تكتيكية في قطاعات تضررت من الرسوم مثل الإلكترونيات والمنسوجات والشحن والمعدات الكهربائية”.
توقعات الفائدة
وأظهرت عقود المقايضة المرتبطة باجتماعات البنوك المركزية أن الأسواق تتوقع الآن خفضاً في أسعار الفائدة بنحو 56 نقطة أساس بحلول ديسمبر، انخفاضاً من نحو 75 نقطة أساس في الأسبوع الماضي. ولا يزال المتداولون يتوقعون أول خفض بمقدار ربع نقطة مئوية في سبتمبر.
وتراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين، الحساسة تجاه الفائدة، بثلاث نقاط أساس يوم الثلاثاء، بعد أن قفز 12 نقطة يوم الاثنين ليصل إلى 4.01%، ما يعكس ضعف الرهانات على صعود السندات، مع اعتبار أن خفض الرسوم الأخير قد يدعم الاقتصاد.
وقالت عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أدريانا كوغلر، إن السياسات الجمركية التي تتبعها إدارة ترمب من المرجح أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم وتؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، رغم خفض الرسوم الأخير.
وأضافت كوغلر في كلمة أُلقيت الاثنين خلال فعالية في دبلن: “السياسات التجارية ما تزال تتطور ومن المرجح أن تواصل تغيرها، حتى صباح اليوم. ومع ذلك، يبدو أنها ستُحدث تأثيرات اقتصادية كبيرة حتى لو بقيت الرسوم قريبة من المستويات المُعلن عنها حالياً”.