اليوان يتراجع أمام عملات الشركاء التجاريين ويستفيد من ضعف الدولار

يستفيد اليوان الصيني هذا الشهر من تراجع قيمة الدولار، إلا أنه يسجل في الوقت نفسه انخفاضاً أمام عملات شركائه التجاريين، ما يعزز تنافسية الصادرات الصينية في مواجهة الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة.

وفقاً لمؤشر “بلومبرغ” الذي يقيس قوة اليوان المرجّحة بالتجارة، فإن اليوان بصدد التراجع بنسبة 2.7% في أبريل أمام عملات الشركاء التجاريين، في أكبر انخفاض شهري منذ عام 2019. وقد يُعزّز هذا التراجع جاذبية الصادرات الصينية في أسواق مثل أوروبا، في ظل غياب أي مؤشرات على انحسار التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.

عوض اليوان معظم خسائره أمام الدولار التي أعقبت إعلان الرئيس دونالد ترمب فرض رسوم جمركية انتقامية، مستفيداً من الضغوط التي تعرض لها الدولار نتيجة توقعات بدخول الاقتصاد الأميركي في ركود بفعل سياسات ترمب التجارية الفوضوية. مع ذلك، جاء تعافي اليوان أضعف مقارنة بعملات أخرى مثل اليورو، مما يقوض مركزه أمام عملات الشركات التجاريين لبكين.

استقرار سعر صرف الدولار أمام اليوان

ربما تكون حالة الاستقرار النسبي في سعر صرف الدولار أمام اليوان بمثابة وضع مرغوب فيه من قبل بكين إلى حد ما، إذ أن ارتفاع اليوان بشكل حاد قد يضر بالصادرات في توقيت غير ملائم. كما أن أي تدهور كبير في قيمة العملة قد يهدد أي مفاوضات تجارية مع واشنطن، خصوصاً بعد اتهام ترمب لبكين بالتلاعب بالعملة لتعويض تأثير الرسوم.

في هذا السياق، قالت جو وانغ، رئيسة قسم العملات والفائدة لمنطقة الصين الكبرى لدى “بي إن بي باريبا” (BNP Paribas SA): “نعتقد أن الصين تربط اليوان بالدولار بشكل مرن، كما أن بنك الشعب الصيني بفضل أن يضعّف اليوان أمام سلة العملات كطريقة فعالة وأقل إرباكاً لإدارة تداعيات الرسوم الجمركية”.

أضافت: “قد يستمر هذا الاتجاه لأن اليوان بحاجة إلى الاستمرار في الأداء الضعيف أمام سلة العملات من أجل تعويض تأثير الرسوم المحتمل”.

ديناميكيات الحرب التجارية

يشير أداء اليوان في جولة التوتر التجاري الحالية إلى تغير في الديناميكيات مقارنة بالحرب التجارية الأولى، حين ارتفع الدولار وتراجع اليوان إلى ما دون المستوى الرئيسي البالغ 7 يوانات لكل دولار. أما الآن، فقد دفعت التوترات المستثمرين للتشكيك في مكانة الدولار كعملة ملاذ آمن، بينما تراجعت حدة التذبذب في الأسهم الصينية، ما خفّف الضغط عن بكين لوقف خروج رؤوس الأموال.

قالت لين سونغ، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى لدى “آي إن جي بنك” (ING Bank NV): “توقعاتنا كانت تشير إلى أن أقوى ضغوط التراجع على اليوان ستحدث في الربع الثاني”، مضيفة: “في الوقت الحالي، يبدو أن أسوأ الضغوط قد ولّت، رغم صعوبة الجزم بذلك في ظل تغير الأوضاع بسرعة”.

مخاوف بشأن متانة اقتصاد الصين 

سجل نشاط المصانع في الصين خلال مارس أكبر انكماش له منذ ديسمبر 2023، في أول قراءة رسمية تثير القلق بشأن متانة الاقتصاد بعد أن فرض ترمب رسوماً شاملة بنسبة 145% على المنتجات الصينية. يزداد حالياً ترقب السوق لتخفيف إضافي في السياسات النقدية من قبل بنك الشعب الصيني، بعدما تعهّد مسؤولون بمزيد من الدعم للاقتصاد.

جدد نائب محافظ البنك المركزي، زو لان، هذا الأسبوع التأكيد على أن اليوان سيظل مستقراً إلى حد كبير، وأن البنك سيعمل على تجنب أي انزلاق مفرط. خلال الأسابيع الأخيرة، حدد بنك الشعب الصيني السعر المرجعي للدولار-يوان ضمن نطاق ضيق فوق مستوى 7.2، في إشارة إلى تفضيل الاستقرار.

كشف استطلاع أجرته “بلومبرغ” هذا الشهر أن بعض المصدّرين الصينيين بدأوا بتحويل عائداتهم من الدولار إلى اليوان بعد شهور من الانتظار، بناء على توقعات ببقاء العملة المحلية مستقرة حول مستوى 7.3 يوان للدولار.

لا مفاوضات بين بكين وواشنطن قريباً 

لكن استمرار الغموض بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري قريب بين الصين والولايات المتحدة سيُبقي المتعاملين باليوان في حالة حذر. ففي الوقت الذي ألمحت فيه الإدارة الأميركية إلى نيتها إصلاح العلاقات التجارية المتضررة مع بكين، قال ترمب يوم الثلاثاء إن الصين تستحق الرسوم الجمركية التي فرضها عليها.

كتب تومي وو، الاقتصادي في “كومرتس بنك” (Commerzbank AG)، في مذكرة: “وصلت الرسوم إلى أقصى مستوياتها، وسيحاول الطرفان لاحقاً خفض التصعيد في التوترات التجارية”. أضاف: “مع ذلك، لا نتوقع مفاوضات تجارية في وقت قريب، وحتى إن حدثت، فلن تُسفر عن نتائج ملموسة بسرعة”، مضيفاً أنه يتوقع تراجع اليوان إلى مستوى 7.5 مقابل الدولار في يونيو.

سجل اليوان نحو 7.26 للدولار يوم الأربعاء، مرتفعاً من أدنى مستوى في 19 شهراً عند 7.3518 الذي لامسه في وقت سابق من الشهر. يستعد مؤشر “بلومبرغ” للدولار لتسجيل أسوأ خسارة شهرية له منذ عام 2022.

قال جيف نغ، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي لآسيا في “سوميتومو ميتسوي بانكينغ كورب” (.Sumitomo Mitsui Banking Corp): “لاحظنا توجهاً نحو تنويع الاستثمارات بعيداً عن الأصول الأميركية خلال الشهر الفائت، إذ لم تعد يُعتمد عليها كملاذ آمن أساسي”.

أضاف: “قد يعني هذا نوعاً من الاستقرار في الدولار-يوان”، مشيراً إلى أن مستوى 7.3 قد يبقى قائماً خلال مايو، رغم أن التذبذبات قد تدفع بالسعر إلى نطاق يتراوح بين 7.22 و7.5.