ظهرت ناقلات نفط خاضعة للعقوبات الأميركية ضمن سلسلة الإمداد البحرية المعقدة التي تنقل النفط الروسي إلى الهند، مما أثار تساؤلات حول موقف الدولة الآسيوية من هذه التدفقات بالتزامن مع وصول الواردات إلى مستوى قياسي.
في الأسبوع الماضي، تم تسليم نحو مليون برميل من خام سوكول القادم من أقصى شرق روسيا إلى مصفاة هندية. وتُظهر بيانات من شركتي “كبلر” (Kpler) و”فورتكسا” (Vortexa) أن نصف هذه الكمية تم تحميلها بعد عمليتي نقل من سفينة إلى أخرى، إحداهما بمشاركة ناقلة خاضعة للعقوبات الأميركية. كما أن ناقلات أخرى خاضعة للعقوبات الأميركية نقلت شحنات من خام سوكول من المقرر تسليمها في الشهر المقبل، وفق “كبلر”.
مشتريات الهند من النفط
يراقب تجار النفط عن كثب مشتريات الهند –التي أصبحت أكبر مستورد للنفط الروسي المنقول بحراً بعد غزو موسكو لأوكرانيا– إلى جانب جهود الولايات المتحدة لإفشال هذه التدفقات.
القيود التي تقودها الدول الغربية وتم تشديدها في يناير، تهدف في المجمل إلى ضمان استمرار تدفق النفط لتفادي قفزة حادة في الأسعار، وفي الوقت ذاته تقليص المكاسب التي تجنيها موسكو.
ناقلات خاضعة للعقوبات
سبق أن صرحت الهند بأنها لن تستقبل الناقلات الخاضعة للعقوبات الأميركية بتفريغ حمولتها في البلاد، إلا أن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي تؤكد في الوقت نفسه أنها تلتزم فقط بالقيود الصادرة عن الأمم المتحدة، ولا تتبع القيود التي تفرضها دول أو تكتلات بمفردها. لم ترد وزارة النفط على رسالة بريد إلكتروني تطلب منها التعليق على هذا التقرير.
قالت فاندانا هاري، مؤسسة شركة “فاندا إنسايتس” (Vanda Insights) في سنغافورة: “دائماً ما يكون هناك عنصر من المخاطرة المحسوبة في واردات الهند من النفط الروسي، لكن شركات التكرير التزمت في الغالب جانب الحذر”. و”في الأساس، لا يمكن تحميلها مسؤولية طريقة نقل الخام”.
في نهاية مارس، قامت ناقلة “فيكتور تيتوف” من نوع أفراماكس -فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليها في يناير ضمن موجة واسعة من القيود- بتحميل نحو 500 ألف برميل من خام سوكول من محطة “دي كاستري” الروسية، حسبما توضح البيانات. وبعد الإبحار باتجاه خليج ناخودكا قرب ميناء كوزمينو الروسي، أجرت “فيكتور تيتوف” عملية نقل من سفينة إلى أخرى مع ناقلة “نايت غلوري” بعد أسبوع.
وأبحرت “نايت غلوري” –وهي أيضاً من نوع أفراماكس- إلى المياه القريبة من ماليزيا، حيث نقلت الشحنة إلى ناقلة “كورديليا مون” وهي من نوع “سويزماكس”، والتي فرغت حمولتها في مصفاة جامناغار بغرب الهند خلال أواخر مايو. وتخضع كل من “نايت غلوري” و”كورديليا مون” للعقوبات البريطانية، دون أن تشملهما العقوبات الأميركية.
لم ترد شركة “ريلاينس إندستريز” (Reliance Industries)، المالكة لمصفاة “جامناغار”، على رسالة بالبريد الإلكتروني تطلب تعليقاً. لم تنجح محاولات الاتصال بمالك السفينة “فيكتور تيتوف” المقيم في الإمارات، ولا بمالك السفينة “نايت غلوري” المقيم في الصين. كما لم يرد مدير السلامة في “كورديليا مون” على رسالة بالبريد الإلكتروني.
تجارة النفط الروسي
وتُظهر بيانات “كبلر” أن ناقلات أخرى خاضعة للعقوبات الأميركية شاركت أيضاً في هذه التجارة (نقل الخام الروسي)، منها “كابتن كوستيتشيف” (Captain Kostichev) و”فيكتور كونيتسكي” (Victor Konetsky).
قامت ناقلة “كابتن كوستيتشيف” بتحميل 699 ألف برميل من خام سوكول من “مشروع سخالين 1” في أواخر أبريل، ثم نقلتها إلى الناقلة “مونتي 1″، التي من المتوقع أن تفرغ حمولتها في “جامناغار” أوائل يونيو. أجرت “فيكتور كونيتسكي” عملية نقل من سفينة إلى أخرى مع “نايت غلوري” في خليج ناخودكا منتصف مايو. ومن المحتمل أن تغيّر الناقلات وجهاتها.
المالكون لكل من “كابتن كوستيتشيف” و”فيكتور كونيتسكي” الذين يستخدمون نفس بيانات الاتصال الخاصة بمالك “فيكتور تيتوف” لم يردوا على الاتصالات التي تطلب تعليقاً. لم يتم الرد على الرسائل الإلكترونية الموجهة إلى مالك السفينة “مونتي 1”.
أصبحت الهند السوق الرئيسية للنفط الخام الروسي المنقول بحراً بعد غزو أوكرانيا عام 2022، إذ تجنب المشترون الغربيون التعامل مع هذه الإمدادات. ويُتوقع أن تصل الواردات إلى مستوى قياسي يبلغ 2.196 مليون برميل يومياً هذا الشهر، مع دخول ناقلات جديدة إلى هذا المسار التجاري عقب موجة العقوبات الأميركية التي أُعلنت في يناير.
اختتمت هاري: “في الوقت الحالي، لا يبدو أن الولايات المتحدة تُشدد تطبيق العقوبات أو توسّع نطاق عقوباتها على النفط الروسي. وإذا حدث ذلك في المستقبل؛ قد تتراجع شركات التكرير مؤقتاً وتتّبع نهجاً أكثر حذراً. فلقد باتت الآن تجيد التعامل مع هذه التقلبات”.