الاستثمار فى البورصة وصناديق الاستثمار

الخيار الثالث.. السردية السعودية لرسم خريطة الإعلام عبر الذكاء الاصطناعي

أبريل 14, 2025 | by elaal4000@gmail.com

الخيار الثالث.. السردية السعودية لرسم خريطة الإعلام عبر الذكاء الاصطناعي

في عواصم الإعلام التقليدي، من لندن إلى نيويورك، يدور الحديث حول الذكاء الاصطناعي بين نغمتين متضادتين: حماس تقني بلا حدود، وخوف عميق من فقدان جوهر القصة الإنسانية. لكن في الرياض، ثمة نغمة ثالثة بدأت تفرض نفسها، نغمة تنطلق من رؤية وطنية لا ترى في الذكاء الاصطناعي تهديداً، بل أداة سيادية لإعادة تعريف الاقتصاد، والإعلام، والهوية معاً.

من قلب هذه الرؤية، تتحدث جمانة الراشد، الرئيسة التنفيذية لـ”المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام” (SRMG)، بنبرة تجمع بين الثقة والتحذير، بين التحفيز والاستشراف. “الذكاء الاصطناعي يغيّر كل شيء”، تقول بوضوح، “لكن التأثير الحقيقي لا يبدأ بالخوارزميات، بل بالأسئلة التي نطرحها على أنفسنا: ما الحكاية التي نريد أن نسردها؟ ولمن؟”.

الذكاء الاصطناعي في رؤية السعودية 2030

في عام 2020، أطلقت المملكة استراتيجيتها الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، واضعةً نصب عينيها هدفاً طموحاً: أن تصبح من بين أفضل 15 دولة في العالم في هذا المجال بحلول 2030. لكن ما يميز الرؤية السعودية هو إدراكها أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد قطاع مستقل، بل قوة تمكينية لباقي القطاعات؛ من الطاقة والصحة، إلى التعليم… والإعلام.

وهنا، بحسب الراشد، تكمن النقطة الفاصلة: “نحن لا نستخدم الذكاء الاصطناعي لنقلل من دور الصحفي أو المبدع، بل لنعزز قدرته، لنعطيه أدوات جديدة، ونمنحه متسعاً من الوقت للإبداع”.

وتضيف، خلال مشاركتها بجلسة حوارية بعنوان: “عندما تلتقي القيم الثقافية والانتماء بالذكاء الاصطناعي” ضمن مؤتمر “مبادرة القدرات البشرية 2025″، المنعقد في الرياض: “أعتقد أن أكبر تهديد يعيق استغلالنا الذكاء الاصطناعي هو الخوف منه. ففي النهاية، هو مجرد تقنية وأداة تتعلم من المدخلات التي نلقنها لها”.

من التوزيع إلى التخصيص: هندسة المستقبل الإعلامي

في عالم بات المحتوى سلعة فائضة، يبرز التحدي الحقيقي ليس في إنتاج القصة، بل في تخصيصها. وتوضح الراشد: “نحن نعيد التفكير في سلسلة القيمة كاملة: من ولادة الفكرة، إلى البحث، إلى توليد النص، إلى التحقق، إلى الترجمة، إلى التوزيع حسب اللهجات والسياقات الثقافية”. وتتابع: “الأمر لم يعد عملية نمطية، بل نظاماً ذكياً يتعلم ويتطور ويتفاعل مع الجمهور”. 

هذه ليست مجرد رؤية، بل ترجمتها SRMG إلى مشاريع ملموسة، بما في ذلك SRMG Labs، مركز الأبحاث والابتكار الذي يُعنى بتطوير أدوات ذكاء اصطناعي خاصة بالإعلام، سواء في تحليل الاتجاهات، أو التوصية بالمحتوى، أو أتمتة التحرير الصحفي.

كذلك أطلقت المجموعة مؤخراً شركة SMS، ذراعها الذكية التي تقدم حلولاً متكاملة في التسويق الرقمي والمحتوى المدعوم بالبيانات، للجهات الحكومية والخاصة. تعول المجموعة عليها لتكون لاعباً ليس فقط في صناعة المحتوى، بل في هندسة استراتيجية الاتصال نفسها؛ و”مدّ جسورٍ لم تكن متاحة قبلاً بين الثقافات المتنوعة”. 

تُعدُّ مجموعة SRMG أكبر تكتل إعلامي في منطقة الشرق الأوسط، وهي الشركة الأم لشبكة “الشرق” الإخبارية بمنصتيها “الشرق للأخبار” و”اقتصاد الشرق مع بلومبرغ”. كما تشتمل محفظتها على عشرات وسائل الإعلام المطبوعة، والرقمية، والمرئية، بما فيها “الشرق الأوسط”، و”عرب نيوز”، و”إندبندنت عربية”، و”أرقام”، و”مانجا العربية”، ومجلتا “سيدتي” و”هي”.

مشهد عالمي مضطرب… وسوق عربية عطشى

على الصعيد العالمي، ضخّت كبرى المؤسسات الإعلامية، بما في ذلك “بلومبرغ” حليفة SRMG، استثمارات ضخمة في منصات تحرير تعتمد على الذكاء الاصطناعي. كما بدأت شركات مثل “أوبن ايه آي” (OpenAI) و”ديب مايند” (DeepMind) التابعة لـ”جوجل” بتطوير أدوات تستهدف مباشرةً قطاع الإعلام.. من الترجمة الفورية إلى كتابة المقالات.

لكن التحدي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يبدو أكثر تعقيداً، كما تشير الراشد: “فقط 6% من محتوى الإنترنت مكتوب بالعربية في الأصل. وهذه ليست مجرد فجوة رقمية، بل فجوة سردية”. وتتابع: “نحتاج إلى تقنيات تساعدنا على إنتاج محتوى عربي ذي جودة، يعكس الأصالة بموازاة تنوّع الهويات والثقافات المحلية”.

وفي هذا السياق، تشير تقارير إلى أن حجم الاستثمار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام بالمنطقة لا يزال محدوداً، رغم النمو المتسارع في أسواق مثل السعودية والإمارات. وهذا ما يضع SRMG في موقع ريادي؛ فهي “لا تكتفي باستهلاك التقنية، بل تسعى لتطويرها محلياً ومواءمتها مع السياق العربي”، وفق الراشد.

فن السرد لا يموت… بل يتحول

تعي جمانة الراشد جيداً أن “الإبداع الفني” هو جوهر الإعلام، وأن التكنولوجيا لا يمكنها أن تحل محل “الحدس التحريري”. لكنها ترى في الذكاء الاصطناعي فرصة لتحرير الصحفي من المهام المتكررة، كي يتفرغ لما لا تستطيع الآلة تقليده: الشغف، والأسلوب، والبصيرة.

وتقول: “أشجع كل صحفيينا على استخدام الذكاء الاصطناعي. ليس ليأخذ مكانهم، بل ليُطلق العنان لقدرتهم الإبداعية”، بل ومراقبة تطورات الذكاء الاصطناعي في صناعة الأفلام: “إذا كانت التقنية ستساعد في تحسين القصة وتكثيف رسالتها، فلم لا؟”.

التحديات: بين التحيز والتضليل

لكن الرئيسة التنفيذية لمجموعة SRMG لا تغفل عن المخاطر. أبرزها، برأيها، التحيّز الخوارزمي وانتشار المعلومات المضللة. وهنا تشير إلى الحاجة لضوابط واضحة وتنظيمات حاكمة: “علينا أن نُدرّب الآلة بلغتنا وقيمنا، وأن نُمسك بخيوط القصة منذ البداية”.

.: 4 تحديات أمام السعودية لقطف ثمار الذكاء الاصطناعي الاقتصادية

وتختم الراشد حديثها بنظرة مستقبلية، لا تفتقد الواقعية: “بعد عام، أو عامين، ربما غداً، قد تتغير قواعد اللعبة تماماً. لكن ما لن يتغير هو أن الإنسان سيظل محور الحكاية؛ والذكاء الاصطناعي مجرد أداة في خدمته”.

#الخيار #الثالث. #السردية #السعودية #لرسم #خريطة #الإعلام #عبر #الذكاء #الاصطناعي
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
📡 المصدر : #الشرق
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖

RELATED POSTS

View all

view all