شهدت الأسواق المالية تقلبات يوم الثلاثاء في ظل ترقب المستثمرين لتطورات جديدة تتعلق بانتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترمب لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وبحثهم عن إشارات حول مسار مفاوضات الرسوم الجمركية.
واستعادت بعض الأصول الأميركية جزءاً من خسائرها، حيث واصلت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية ارتفاعها في أعقاب الهبوط الحاد لمؤشر “إس أند بي 500” بأكثر من 2% يوم الإثنين. وارتفع مؤشر الدولار بعد أن بلغ أدنى مستوياته في 15 شهراً، في حين استقرت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات. أما الأسهم الآسيوية فلم تشهد تغييرات تُذكر، بينما ارتفع النفط والذهب إلى مستويات قياسية جديدة.
مخاوف إقالة باول
يخشى المستثمرون من أن يكون ترمب يستعد لإقالة باول بسبب رفضه خفض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع، ما أضاف إلى مخاوف الأسواق التي تعاني أصلاً من تداعيات فرض الرئيس الأميركي رسوماً جمركية تُعد الأعلى منذ قرن. ويعتقد اقتصاديون أن هذه السياسات قد تُسرّع وتيرة التضخم وتدفع الاقتصاد الأميركي نحو الركود.
وكتب جيف بوخبندر، كبير المحللين الاستراتيجيين في “إل بي إل فاينانشيال” (LPL Financial)، قائلاً: “حرب تجارية متعددة الجبهات تمثل عبئاً كبيراً بحد ذاتها على الأسواق، وإضافة أزمة استقلالية البنك المركزي يزيد من حالة التوتر”.
كان ترمب قد صعّد هجماته على باول عبر منصته “تروث سوشيال” يوم الإثنين، مشيراً إلى أن التضخم “شبه منعدم”، داعياً إلى خفض أسعار الفائدة بشكل استباقي. ولا تزال أحدث قراءة لمؤشر التضخم المفضل لدى الفيدرالي أعلى من المستوى المستهدف للبنك المركزي، مع صدور قراءة جديدة الأسبوع المقبل.
الاندفاع نحو الذهب
قال مدير المجلس الاقتصادي الوطني، كيفن هاسيت، الجمعة الماضية، إن ترمب يدرس ما إذا كان بإمكانه، قانوناً، عزل باول من منصبه، ما أثار تساؤلات جديدة حول قدرة الاحتياطي الفيدرالي على الحفاظ على استقلاليته التاريخية.
وأدى هذا التوتر إلى إعادة تقييم الأصول الأميركية الأساسية مثل الدولار وسندات الخزانة، والتي أصبحت فجأة أقل جاذبية كملاذات آمنة.
وفي ظل هذه التقلبات، اندفع المستثمرون نحو الذهب، حيث ارتفع سعر الأونصة إلى 3444 دولاراً بعد صعود بنسبة 2.9% يوم الإثنين.
وأعرب كبار المستثمرين أيضاً عن قلقهم، حيث حذّر بول سينغر، مؤسس شركة “إليوت إنفستمنت مانجمنت”، في فعالية خاصة بأبوظبي، من احتمال فقدان الدولار لوضعه كعملة احتياطية عالمية، بحسب أشخاص حضروا الفعالية.
ويتابع المستثمرون حالياً تطورات المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة وكل من اليابان والاتحاد الأوروبي والهند وغيرها من الدول. وكان رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا أكد الإثنين أن طوكيو لن تستمر في تقديم التنازلات استجابة للمطالب الأميركية، مشدداً على أن المفاوضات مع واشنطن بشأن الرسوم قد تطول.
وكتب جون رونغ ييب، استراتيجي الأسواق في “آي جي آسيا” (IG Asia)، قائلاً: “يبدو أن التفاؤل بدأ يتلاشى، والأسواق قد بدأت في تسعير سيناريو أقل إيجابية… اللهجة الصارمة من شركاء تجاريين رئيسيين لأميركا، مثل اليابان، تُبرز التحديات التي تواجه الوصول إلى توافق”.
تضرر الشركات اليابانية
أظهر استطلاع أن 10% من الشركات اليابانية تأثرت بالفعل بحملة ترمب التجارية، وسط مخاوف من تداعيات أوسع مستقبلاً.
كما صرّح وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو أن بلاده على تواصل مع دول أخرى لبحث أفضل السبل للتعبير عن هذه المخاوف خلال اجتماعات هذا الأسبوع في واشنطن.
في الوقت نفسه، ذكر أشخاص مطلعون أن مسؤولي بنك اليابان لا يرون حاجة لتغيير سياساتهم بشأن رفع الفائدة تدريجياً، رغم حالة عدم اليقين الناجمة عن الرسوم الأميركية.