تواجه الأسهم السعودية خطر تسجيل أسوأ أداء بين الأسواق العالمية خلال شهر مايو، مع تراجع أسعار النفط، الذي يثير أيضاً مخاوف من تباطؤ الإنفاق على المشاريع العملاقة في المملكة.
هبط مؤشر “تداول” العام بنسبة 6.4 % حتى إغلاق يوم الثلاثاء، وهو أكبر انخفاض بين 92 مؤشراً للأسواق المالية تتابعها وكالة بلومبرغ.
يمثل هذا الانخفاض رابع شهر على التوالي من التراجع للمؤشر، وهي أطول سلسلة خسائر منذ عام 2014، بينما على النقيض من ذلك تشهد أسواق الدول الناشئة أوسع موجة مكاسب منذ قرابة عام، مع أفضل أداء شهري منذ سبتمبر.
لماذا تراجعت سوق الأسهم السعودية؟
تعود حالة الضعف في السوق السعودية بالدرجة الأولى إلى تراجع أسعار النفط، التي انخفضت إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات خلال أبريل، في ظل ضبابية المشهد العالمي بسبب التوترات التجارية وزيادة الإمدادات من دول تحالف “أوبك+”. وزاد ذلك من التحديات أمام الوضع المالي للمملكة، خصوصاً بعد تسجيل أوسع عجز في الموازنة السعودية منذ أواخر 2021 خلال الربع الأول من العام.
اقرأ ايضاً: البورصة السعودية تتراجع للجلسة الرابعة بضغط البنوك والبتروكيماويات
قال جنيد أنصاري، من شركة “كامكو إنفست” الواقع مقرها في مدينة الكويت: “هناك مخاوف من أن يؤثر تراجع الإيرادات النفطية على سوق المشاريع”، في إشارة إلى الخطط التنموية التحولية التي تعتمد بشكل كبير على استثمارات الدولة. وأضاف أنصاري أن هذه النظرة السلبية مرشحة للاستمرار، مع التوقعات ببقاء أسعار النفط منخفضة في الفترة المقبلة.
ضغوط هبوطية على مؤشر “تداول”
تشير بيانات “بلومبرغ” إلى أن التراجع طال معظم قطاعات السوق، حيث لم يُسجل سوى 23 سهماً من أصل 253 في “تداول” مكاسباً خلال مايو. وكان “مصرف الراجحي” -أكبر بنك في المملكة من حيث القيمة السوقية- إلى جانب شركة “أكوا باور”، من أكبر الأسهم الضاغطة على المؤشر.
تراجع جماعي للأسهم السعودية وسط ضعف معنويات المستثمرين.. تفاصيل أكثر
يُتداول خام برنت عند نحو 65 دولاراً للبرميل، وهو أقل بكثير من المستويات التي تحتاجها المملكة العربية السعودية لتغطية نفقاتها. وأظهرت بيانات الربع الأول أن الحكومة بحاجة إلى سعر خام عند 96 دولاراً لتحقيق الموازنة لميزانيتها، ويرتفع هذا السعر إلى 113 دولاراً عند تضمين خطط الإنفاق المحلي لصندوق الاستثمارات العامة، وفقاً لزياد داود المحلل في “بلومبرغ إيكونوميكس”. وكلا هذين السعرين يعتبرا أعلى مستويات منذ عام 2016، عندما أطلقت المملكة رؤيتها لعام 2030.
تحديات أمام المشروعات الكبرى
صرح دومينيك بوكور إنغرام، مدير صندوق في “فييرا كابيتال”، في رؤيته لسوق الأسهم السعودية، بأن بعض “المشاريع الضخمة الطموحة” قد تتأخر بسبب القيود المالية على أفضل تقدير، وهو تحدٍّ قد تظهر عواقبه على المدى القريب. وأضاف أن مستوى التعادل للنفط الذي يتطلبه الاقتصاد السعودي أعلى من نظرائه في المنطقة.
ومع ذلك، يبني بوكور إنغرام رؤيته المتفائلة للسوق السعودية على المدى الطويل وفق توقعاتٍ بأن خطط “رؤية 2030” لا تزال قائمة وستواصل جذب المستثمرين.
وفي ضوء الإمكانيات المرتبطة بالتحول الاقتصادي، اختتم إنغرام: ” تجاهل السوق السعودية قد يمثل مخاطرة كبيرة للمستثمرين الذين يهتمون بالأسواق الناشئة”.