يتشابه التدافع العالمي الحالي للخروج من الأسهم والحفاظ على رأس المال وسط عدم اليقين السياسي تشابهاً كبيراً مع تراجع الأسواق خلال فترة “كوفيد”.
في 2020 والآن على حد سواء، كان انكشاف المستثمرين على الأسهم مرتفعاً بحدة في بداية العام، ثم تحول الأمر سريعاً لتصفية المراكز الاستثمارية، كذلك في كلتا الفترتين، تزايد الطلب على التحوط، وهذه أخبار سيئة لمعنويات السوق في حال لم يتغير موقف البيت الأبيض بشأن الرسوم الجمركية وواصلت دول، مثل الصين، الرد.
ارتفعت مستويات عدم اليقين بشأن السياسة الأميركية إلى أعلى مستوى منذ جائحة “كوفيد”، بينما يشهد مؤشر تقلبات “ستاندرد آند بورز 500″، المعروف بـ”VIX” ارتفاعاً حاداً. ومثلما حدث خلال الجائحة العالمية قبل خمس سنوات، توجد أزمة مفاجئة في الثقة بالاقتصاد، والتي يجب عكسها لوقف نزيف الأسهم.
طلب أعلى على التحوط
قال استراتيجيون في قسم الاستخبارات السوقية في “جيه بي مورغان تشيس آند كو”، بقيادة أندرو تايلر: “حتى نرى تطوراً يعكس مسار الأمور، فالسوق تستعد للهبوط أكثر.. الموقف يتفاقم مع انتقام الدول الأخرى”.
مع ذلك، يتوقع مكتب تداول “جيه بي مورغان” أن يتم احتواء عدم اليقين بشأن الحرب التجارية ضمن الربع الحالي، ويري أن بعض المؤشرات الفنية تشير إلى انتعاش مؤقت للسوق.
يواصل الطلب على التحوط الارتفاع مع تسجيل الخيارات أحجام قياسية في الولايات المتحدة، لكن يُرجح أن يكون الرقم مشوهاً بسبب النسبة الكبيرة من الخيارات التي تنتهي في نفس يوم التداول والمعروفة بـ”0TDEs”، ورغم أن هذه العقود تُشكل جزءاً صغيراً من الحجم الإجمالي في أوروبا، إلا أن الخيارات الخاصة ببيع مؤشر “يورو ستوكس 50” قد ارتفعت إلى رابع أعلى مستوى لها على الإطلاق. مرة أخرى، الوضع مشابه لما حدث خلال جائحة “كوفيد”.
السوق يفتقر أيضاً إلى دعم على المدى المتوسط، فخطط إعادة شراء الأسهم من قبل الشركات لن تبدأ إلا في وقت لاحق من الشهر، مع تقدير استراتيجيي “جولدمان ساكس” أن فترة إغلاق هذه المعاملات ستستمر حتى 24 أبريل. كانت صناديق التحوط تبيع منذ أسابيع، كما قلصت صناديق الاستثمار للأجل الطويل فقط حصصها، ما يترك الأفراد كالفئة الوحيدة التي لم تبدأ بعد تقليص تعرضها للأسهم.
تقلبات مستمرة.. وخطط البيع قائمة
قال جون فلود، شريك في “غولدمان ساكس” ومتخصص في التداول: “من المرجح أن تظل السوق متقلبة، ولم نرَ بعد أدنى مستويات المؤشر على المديين القريب والمتوسط”. ويتوقع أن تبدأ المؤسسات في الشراء إذا هبط مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” دون مستوى 5000 نقطة.
في هذه الأثناء، باعت صناديق متابعة الاتجاه المعروفة بمستشاري تداول السلع (CTAs) على المكشوف أسهم أميركية بقيمة 31 مليار دولار بالفعل، لكنها لا تزال تحتفظ بأسهم قيمتها 16.5 مليار دولار عالمياً، وفقاً لتقديرات مكتب تداول “غولدمان ساكس”. علاوة على ذلك، من المتوقع أن تضاعف هذه الصناديق مراكز البيع على المكشوف إذ يتوقع أن تبيع أسهماً بقيمة تناهز 70 مليار دولار الأسبوع الجاري، وقد تصل إلى 98 مليار دولار خلال الشهر المقبل حسب حركة أسعار السوق.
كتب محللو المكتب: “هذه الفئة من الصناديق تظهر كبائعة في كل السيناريوهات خلال الأسبوع والشهر المقبلين”، مُضيفين أن الغالبية العظمى من هذه التدفقات ستحدث خارج الولايات المتحدة، وأنه إذا تحققت توقعاتهم للتدفقات، فإن صناديق متابعة الاتجاه ستقلص مبيعاتها على المكشوف للأسهم العالمية إلى نحو 60 مليار دولار.
لا دعم ولا قاع في وقت قريب
لا يُرجح أن تقدم التقييمات على جانبي المحيط الأطلسي دعماً في هذه المرحلة، وشهد كل من مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″ و”ستوكس 600” تخفيضاً ملحوظاً في التقييمات الأسبوع الماضي. مع ذلك، استناداً إلى نوبات البيع السابقة، ينتظرها مزيد من التخفيض حتى عند استبعاد فترات الركود. وإذا أدت كانت الرسوم الجمركية إلى ركود عالمي، فإن التقييمات قد تنخفض بنسبة تتراوح بين 10% إلى 15% إضافية، وفقاً للاستراتيجيين في “سوسيتيه جنرال” و”غولدمان ساكس”.
تقنياً، يخترق مؤشر “ستوكس 600” مستويات الدعم واحداً تلو الآخر، وهو الآن في حالة ذروة البيع إلى حد كبير، ما يقدم فرصةً للارتداد. بعد كسر مستوى 495 نقطة، قد يحدث تصحيح كبير عند 452 باعتباره مستوى دعم رئيسي وفقاً لتصحيحات “فيبوناتشي”، بينما يبدو أن 434 يمثل قاعاً خطيراً استناداً إلى مستويات الارتداد السابقة. قالت المحللة الفنية في “داي باي داي” (DayByDay)، فاليري غاستالدي: “من المبكر جداً افتراض أننا وصلنا إلى القاع”.