كانت أسهم الدول النامية مصدراً مفاجئاً للعوائد بالنسبة للمتداولين الأميركيين في ظل الحرب التجارية التي أشعلها دونالد ترمب وأربكت مؤشر “إس آند بي 500”. لكن إذا كانت عقود الخيارات مؤشراً يُعتد به، فقد لا يدوم هذا الأداء المتفوق طويلاً.
ومع اقتراب انتهاء مهلة التسعين يوماً التي علق خلالها ترمب الرسوم الجمركية المتبادلة في أوائل يوليو المقبل، يستعد المضاربون حالياً لمزيد من التقلبات في الأسواق الناشئة. ارتفع صدوق مؤشرات متداول في البورصة الذي يتتبع هذا القطاع بنسبة 14% العام الجاري، متفوقاً على أداء “إس آند بي 500” بأكبر فارق منذ عام 2009.
موجة بيع محتملة في الأسواق الناشئة
يقترب إجمالي عدد عقود خيارات البيع المفتوحة لصندوق “آي شيرز إم إس سي آي للأسواق الناشئة” (iShares MSCI Emerging Markets ETF – EEM) من أعلى مستوياته منذ ديسمبر مقارنة بعقود خيارا الشراء التي تراهن على الصعود. ويعني ارتفاع إجمالي عدد العقود المفتوحة تعزيز مراكز استثمارية لعقد معين.
يتوقع مات مالي، كبير استراتيجيي السوق في شركة “ميلر تاباك + كو” (Miller Tabak + Co)، تراجعاً على المدى القصير في أسهم الأسواق الناشئة مقارنة بمؤشر “إس آند بي 500”.
قال مالي في مقابلة، في إشارة إلى عقود صندوق “آي شيرز إم إس سي آي” للأسواق الناشئة: “لقد سجلت ارتفاعا أكثر من اللازم وأصبحت مُبالغاً في شرائها بعض الشيء”، ويوم الإثنين، ارتفعت نسبة عقود البيع المتشائمة على الصندوق إلى أعلى مستوى لها مقابل عقود خيارا الشراء التي تراهن على الصعود منذ ديسمبر.
تأثير ضعف الدولار
مع ذلك، قد يستمر ضعف الدولار الأميركي بشكل ملحوظ في تقديم مزايا للشركات في الأسواق الناشئة، نظراً لأن عديد من تكاليفها مقومة بالدولار. ووما تزال تقييمات أسهم الدول النامية اقل بالمقارنة مع نظيراتها الأميركية.
وفيما يتعلق بأسهم الأسواق الناشئة، قال مالي: “ستتمكن من شرائها بسعر أقل قليلاً على الأرجح في النصف الثاني من يونيو”. أما بالنسبة لمؤشر “إس آند بي 500″، فيرى أن تقديرات الأرباح “بحاجة إلى أن تنمو بوتيرة أكبر بكثير مما هي عليه حالياً لتبرير أي صعود إضافي من المستوى المرتفع الحالي للمؤشر”.
تقلبات سياسية
تسببت الخطوات المتقلبة في سياسة التجارة الأميركية -وما تلاها من قفزات في عوائد سندات الخزانة – في تذبذبات حادة بسوق الأسهم، وانخفاض ملحوظ في قيمة الدولار مقترباً من أضعف مستوياته.
قالت ماندي شو، رئيسة قسم معلومات سوق المشتقات في “سيبو غلوبال ماركتس” (Cboe Global Markets)، لتلفزيون “بلومبرغ” يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة “تتصرف إلى حد كبير كما لو كانت اقتصاد سوق ناشئة”. وأضافت: “تترجم عوائد السندات أعلى والدولار أضعف إلى تقلبات في سوق الأسهم”.
تقلبات أقل في أسهم الأسواق الناشئة
استجابة لذلك، تحول المستثمرون بشكل متزايد نحو صناديق الأسواق الناشئة للحد من التعرض لتلك التقلبات الدراماتيكية. وكان مؤشر “VIX”، وهو مقياس يبرز التقلبات للأسهم المدرجة على مؤشر “إس آند بي 500″، أعلى من مؤشر تقلبات صناديق الأسواق الناشئة التابع لبورصة شيكاغو لتداول عقود الخيارات في جميع جلسات التداول الـ54 الأخيرة، باستثناء ست جلسات فقط. ويوم الخميس، وصلت قراءة مؤشر “VIX” إلى 18 نقطة، في حين استقر نظيره الخاص بالأسواق الناشئة عند 15 نقطة.
قال جوش سيلفا، الشريك الإداري وكبير مسؤولي الاستثمار في “باسايك بارتنرز” (Passaic Partners)، كانت حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية عامل استقرار لأصول الأسواق الناشئة ككل. ويرى أن نتائج المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة قد تختلف من دولة إلى أخرى من بين الدول الـ24 المدرجة في مؤشر “إم إس سي آي للأسواق الناشئة” (MSCI EM Index)، والذي يضم أسهماً من البرازيل إلى الإمارات.
ذكر سيلفا في مقابلة: “إذا ربحت الصين وخسرت الهند؟ واحدة سترتفع، والأخرى ستنخفض… ثم سيمتزج كل ذلك في وعاء واحد، وتكون النتيجة لا شيء”.
تقدم ملف التجارة يعيد جاذبية الأسواق الأميركية
قد يُعزز أي تقدم إيجابي في ملف التجارة من أداء مؤشر “إس آند بي 500”. وصرّحت الولايات المتحدة الأسبوع الجاري بأنها أحرزت تقدماً كبيراً في المحادثات التجارية مع الصين، وأن التوصل إلى اتفاق قوي قد يساعد في تبديد بعض حالة عدم اليقين التي تثقل كاهل الأصول الأميركية.
علاوة على ذلك، عكس تداولات المستثمرين حالياً توقعات إجراء خفضين لأسعار الفائدة الأميركية العام الحالي، ويعوّلون على قانون الضرائب الذي طرحه ترمب لدعم أرباح الشركات والنمو المحلي.
كذلك، قد تتضائل ميزة الأسواق الناشئة وسط الزخم الحالي في في أسواق الأسهم الأميركية. إذ يتداول مؤشر “إس آند بي 500” بالقرب من أعلى مستوياته على الإطلاق، وقد يحتاج المستثمرون المؤسسيون للتخلي عن نهج الخفض النسبي لمراكزهم الاستثمارية في الأسهم الأميركية للتفوق على أداء المؤشرات المرجعية، مما يفتح الباب أمام مزيد من المكاسب، وفقاً لما ذكره “باركليز” و”جيه بي مورغان تشيس آند كو”.
