بدأت كيانات تابعة لإمارة أبوظبي بالعودة تدريجياً إلى الاستثمار في الأصول البريطانية، في مؤشر على أن العلاقات بين الجانبين بدأت في التحسن بعد فترة شابها التوتر.
شركة “مبادلة للاستثمار“، أحد الصناديق السيادية للإمارة البالغة أصوله 330 مليار دولار، أعلنت اليوم الخميس عن استحواذها على حصة أقلية بشركة “نورد أنجليا إديوكيشن” (Nord Anglia Education Ltd) ومقرها في لندن.
كما تعتزم المجموعة الإماراتية المدعومة من الدولة ضخ استثمار بقيمة 600 مليون دولار في الشركة التي استفادت من الارتفاع الكبير في الطلب على خدمات التعليم الخاص عالي الرسوم.
تخطط “نورد أنجليا” لافتتاح مزيد من الفروع في منطقة الشرق الأوسط، حيث تدير بالفعل عدداً من المدارس، من بينها واحدة في دبي تتقاضى رسوماً دراسية تبلغ 52 ألف دولار سنوياً. وقُدِّرت قيمة مشغل المدارس الدولية بـ14.5 مليار دولار شاملة الديون، عندما اشترى تحالف تقوده شركة “نيوبرغر بيرمان” (Neuberger Berman) حصة فيها خلال أكتوبر الماضي.
إعلان “مبادلة” جاء بعد ساعات من إعلان شركة “طاقة“، أكبر مزود للكهرباء في أبوظبي، عن استحواذها على شركة “ترانسمشن إنفستمنت هولدينغز” (Transmission Investment Holdings)، أحدى أكبر الشركات المشغلة للبنية التحتية التي تربط مزارع الرياح البحرية بشبكة الكهرباء في المملكة المتحدة.
وتدير الشركة أصولاً بقيمة تقارب 3 مليارات جنيه إسترليني (4 مليارات دولار)، حيث أُعلن عن الصفقة بعد شهر من حصولها على الموافقة من الحكومة البريطانية عقب التيقن من مراعاتها للأمن القومي.
استثمارات الإمارات في بريطانيا
تعزز هذه التحركات محفظة الإمارات العربية المتحدة في بريطانيا. فإلى جانب “نورد أنجليا” المدعومة أصلاً من كيان تابع لحاكم دبي، سبق لـ”مبادلة” أن استثمرت في شركة “سيتي فايبر” (CityFibre) التي توفر البنية التحتية للإنترنت فائق السرعة. وفي الوقت ذاته، تُعدُّ “مجموعة الإمارات للاتصالات“، وهي شركة مدعومة من الحكومة الإماراتية، أكبر مساهم في “فودافون غروب”.
يأتي الإعلان عن هذه الصفقات الثنائية بعد فترة من الفتور بين البلدين في عهد حكومة حزب المحافظين السابقة، بسبب صفقة صحيفة “تليغراف“، لارتباطها بكيان تابع لنائب رئيس الدولة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان. كما أجج التوتر إشارة لندن إلى دور مزعوم للإمارات في حرب السودان.
المزيد عن صفقة شراء صحيفة “ذا تليغراف” وتعثر الإمارات في الاستحواذ عليها هنا
في الوقت نفسه، يواجه نادي “مانشستر سيتي” بالدوري الإنجليزي الممتاز، المملوك أيضاً للشيخ منصور، جلسة استماع قد تكون مكلفة للنادي على خلفية مزاعم بارتكاب مخالفات لقواعد اللعب المالي النظيف. كما شطبت أبوظبي كامل استثمارها في “ثيمز ووتر”، أكبر شركة مياه في بريطانيا، التي تسعى حالياً للحصول على ملكية جديدة بينما تعيد هيكلة ديونها.
مفاوضات التجارة الحرة البريطانية الخليجية
بحسب “بلومبرغ”، فإن المملكة المتحدة باتت في المراحل النهائية من مفاوضات إبرام اتفاقية تجارة حرة مع مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي الستة. وتُعدُّ هذه الاتفاقية من أولويات رئيس الوزراء كير ستارمر الذي زار المنطقة أواخر العام الماضي.
جاءت تلك الزيارة بعد شهرين من عقد ستارمر، ووزيرة المالية البريطانية رايتشل ريفز، قمة تهدف لإعادة تقديم المملكة المتحدة كدولة منفتحة على الاستثمار. وحضر الفعالية ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي البالغ حجم الأصول تخت إدارته 925 مليار دولار ورئيس نادي “نيوكاسل يونايتد”، في حين لم تشارك صناديق سيادية إماراتية.
كانت أبوظبي، التي تدير صناديقها السيادية أصولاً تزيد قيمتها عن 1.7 تريليون دولار، أعلنت عن سلسلة من تعهدات الاستثمار الكبرى حول العالم، من بينها 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، و52 مليار دولار في فرنسا، و40 مليار دولار في إيطاليا.
وقبل ثلاث سنوات، تعهدت الإمارة الغنية بالنفط باستثمار 14 مليار دولار في بريطانيا عقب خروجها من الاتحاد الأوروبي.