شنّ الجيش الإحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الجمعة، غارات جوية مكثفة على مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، استهدفت العاصمة طهران وعددًا من المدن الأخرى، من بينها نطنز وتبريز. وأسفرت الضربات عن تدمير مفاعلات نووية ومقرات للحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى منشآت حيوية أخرى.
أبرز الأهداف التي تم قصفها الإحتلال
مقر القيادة العامة للقوات المسلحة “خاتم الأنبياء المركزي”
يُعد هذا المقر، الواقع في محافظة طهران، أكبر مركز قيادة للقوات المسلحة الإيرانية، ويتبع للحرس الثوري. يختص بتنسيق وإدارة العمليات العسكرية الكبرى المشتركة بين الجيش والحرس الثوري، ويُعين قائده مباشرة من قبل القائد العام للحرس.
تأسس المقر في بدايات الحرب العراقية-الإيرانية لتنسيق العمليات بين “مقر كربلاء” التابع للجيش و”مقر النجف” التابع للحرس الثوري. وبعد انتهاء الحرب، أمر القائد السابق للحرس، محسن رضائي، بتوسيع دوره ليشمل مشاريع البناء والتنمية، وفقًا للمادة 147 من الدستور الإيراني، التي تسمح بمشاركة القوات المسلحة في المهام غير القتالية زمن السلم.
ينشط المقر في ثلاثة مجالات رئيسية: النفط والغاز والبتروكيميائيات، والبناء والصناعة، والتنمية ومكافحة الفقر. وقد فُرضت عليه عقوبات أمريكية عام 2010 بسبب البرنامج النووي الإيراني، ثم شمله قرار مجلس الأمن رقم 1929، قبل أن تُرفع العقوبات عنه بموجب الاتفاق النووي عام 2015 وقرار مجلس الأمن رقم 2231.
مجمع “شهرك شهيد محلاتي”
هو مدينة سكنية شمال شرق طهران، تقع ضمن حي “ميني سيتي”، الذي كان يُعرف سابقًا بـ”مشرق الأذكار”، مركز العبادة لطائفة البهائيين. خُصصت أرض المدينة عام 1985 لبناء مساكن لموظفي الحرس الثوري الإيراني، بموافقة من المرشد الأعلى آنذاك، روح الله الخميني.
تبلغ مساحتها نحو 180 هكتارًا، وبدأت المرحلة الأولى منها بألف وحدة سكنية، ثم توسعت لاحقًا. وتتميز بتوافر بنية تحتية تعليمية وثقافية وخدمية مميزة، تضم 25 مدرسة، وحضانات، ومراكز ثقافية، و13 مركزًا تجاريًا، و10 حدائق. وقد تعرض المجمع اليوم لقصف إسرائيلي أسفر عن تدمير 3 مبانٍ سكنية.
مقر الحرس الثوري
أُنشئ هذا المقر بناءً على المادة 24 من النظام الأساسي للحرس الثوري، بهدف تنسيق مهام التخطيط والدعم والرقابة بين فروع الحرس المختلفة. وقد عُرف سابقًا باسم “المقر المركزي للحرس”، ثم “المقر العام للحرس”، قبل أن يُعاد تسميته إلى “المقر المشترك للحرس” بأمر من المرشد الأعلى علي خامنئي عام 1992، ثم “مساعد التنسيق في الحرس الثوري” عام 2008.
يتولى المقر التنسيق بين أفرع الحرس الأربعة: البرية، البحرية، الجوية، وفيلق القدس، ويشرف على وحدات متخصصة في شؤون الأفراد، والتدريب العسكري والعقائدي، والدعاية، والاستخبارات، والعمليات، والهندسة. ووفق قانون الموازنة لعام 2018، يشرف المقر على تنفيذ المشاريع المركزية للحرس الثوري.
مفاعل نطنز النووي
يقع هذا المفاعل في محافظة أصفهان، على بعد نحو 220 كم جنوب شرق طهران، ويُعد المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران. بدأت إيران ببنائه سرًا، وكُشف عنه عام 2002. يضم المفاعل عشرات الآلاف من أجهزة الطرد المركزي، وبُني على عمق 8 أمتار، محاطًا بجدار خرساني سميك ومنظومة دفاع جوي.
تعرض المفاعل منذ 2010 لسلسلة من الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل، شملت هجمات إلكترونية وتخريبًا. وفي يونيو 2025، أكدت طهران أن المفاعل كان من بين الأهداف التي شملها الهجوم الإسرائيلي.
صمم نطنز ليستوعب 50 ألف جهاز طرد مركزي، ويحتوي على منشآت تحت الأرض للتخصيب، وأخرى تجريبية فوق الأرض. وتشير تقديرات عام 2006 إلى أنه قادر على إنتاج كمية من اليورانيوم تكفي لتصنيع أكثر من 20 رأسًا نوويًا سنويًا. ويُعد الموقع الوحيد المسموح له بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 بتخصيب اليورانيوم بنسبة أقل من 3.67%.
في عام 2023، أظهرت صور أقمار صناعية أن إيران حفرت أنفاقًا على عمق 80 إلى 100 متر في جبل قريب من المفاعل، لاستبدال مركز تصنيع أجهزة الطرد المركزي الذي يُعتقد أنه تم تخريبه في 2020.
مطار تبريز
يقع في شمال غرب مدينة تبريز، ويُعد من أهم المطارات في شمال غرب إيران. يجاوره من الشمال والشرق القاعدة الجوية الثانية للقوات الجوية الإيرانية. أُسس عام 1950 تحت اسم “مطار الشهيد مدني الدولي”، وبدأ كمنشأة تدريب للطيارين العسكريين، ثم تحوّل لاحقًا إلى مطار مدني وعسكري.
يكتسب المطار أهمية استراتيجية لقربه من دول أذربيجان وأرمينيا وتركيا، وتحول إلى مطار دولي منذ عام 1977. ويحتل المرتبة السادسة في البلاد من حيث عدد المسافرين. وأفادت وكالة تسنيم الإيرانية بأن المطار تعرّض لهجوم جوي إسرائيلي عنيف أدى إلى تصاعد أعمدة من الدخان، بينما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن سلاح الجو دمّره بالكامل.
مفاعل آراك
بدأت إيران بناء منشأة لإنتاج الماء الثقيل في آراك عام 1996، وبدأ الإنتاج الرسمي فيها في أغسطس 2006، بعد أن كشفت المعارضة الإيرانية عنها عام 2002. قالت طهران إن المنشأة تنتج 17 طنًا سنويًا من الماء الثقيل بدرجة نقاء 15%، و80 طنًا بدرجة نقاء تقترب من 80%.
يمكّن هذا النوع من المفاعلات من إنتاج البلوتونيوم، مما يُتيح تصنيع قنابل نووية. وفي عام 2004، بدأت إيران بناء مفاعل بقدرة 40 ميغاوات بجوار المنشأة، يستخدم الماء الثقيل واليورانيوم الطبيعي المتوفر محليًا، دون الحاجة لتخصيب اليورانيوم.
مصانع صواريخ وقواعد عسكرية
شملت الضربات الإسرائيلية منشآت متصلة ببرنامج الصواريخ البعيدة المدى الإيراني في وسط وغرب البلاد، بما في ذلك بطاريات دفاع جوي ومخازن صواريخ. واستهدفت الغارات مدينة كرمنشاه، التي تُعد مركزًا رئيسيًا لتخزين وإطلاق الصواريخ الباليستية، ومنشآت اتصالات عسكرية.
وأكد التلفزيون الإيراني وقوع أضرار محدودة في قاعدة عسكرية بمدينة بروجرد في محافظة لرستان، إثر استهدافها خلال الهجوم.
أهداف أخرى
قالت إسرائيل إنها استهدفت 100 موقع داخل إيران، من بينها مطار الإمام الخميني في طهران، ومحيط مصفاة تبريز في محافظة أذربيجان الشرقية. كما طالت الضربات أحياء سكنية، بينها منطقة “نوبنياد” شمال طهران، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين.
