0
دخل الإغلاق الحكومي في أمريكا يومه السادس والثلاثين، ليصبح الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، متسببًا في تعطيل حياة ملايين الأمريكيين بسبب توقف برامج فيدرالية وتأخر الرحلات الجوية وحرمان موظفين حكوميين من رواتبهم.
ويرفض دونالد ترامب الرئيس الأمريكي التفاوض مع الديمقراطيين بشأن مطالبهم بتمديد دعم التأمين الصحي قبل الموافقة على إعادة فتح الحكومة، بينما يشكك الديمقراطيون في التزام ترامب بأي اتفاق، خاصة بعد أن قيدت إدارته مساعدات الغذاء «SNAP» رغم أوامر المحكمة بضمان استمرارها لمنع الجوع.
وقال ترامب إن الديمقراطيين يتحملون مسؤولية أطول إغلاق حكومي في التاريخ الأمريكي، مؤكدًا ضرورة العمل على وقف هذا الإغلاق الذي شلّ عمل المؤسسات الفيدرالية.
وأضاف أن الاقتصاد الأمريكي قوي ويجب إعادة فتح المعامل والشركات في أسرع وقت، مشيرًا إلى أن الإغلاق الحكومي أثّر بشكل كبير على الانتخابات وألقى بظلاله على قطاع الطيران.
وانتقد ترامب نظام التصويت في الولايات المتحدة، قائلاً إنه يواجه مشكلات كبيرة، معلنًا عزمه بحث إمكانية تغييره. وشدد الرئيس الأمريكي على أنه لن يتم تمرير أي مشروعات جديدة قبل وقف الإغلاق الحكومي، محملاً الديمقراطيين مسؤولية استمرار الأزمة.
ومن المقرر أن يلتقي ترامب اليوم الأربعاء بعدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، بينما لم تُحدد أي لقاءات مع الديمقراطيين. وقالت السناتور الديمقراطية إيمي كلوبوشار إن «الإغلاق سببه رفض زملائنا التفاوض حول قضية واحدة بسيطة: أقساط التأمين الصحي».
وفي ظل غياب دور فعّال للرئيس، تتكثف المحادثات بين مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الوسطيين لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بانفراجة محتملة عقب الانتخابات المحلية الأخيرة التي أظهرت تقدماً كبيراً للديمقراطيين في ولايات فرجينيا ونيوجيرسي ونيويورك، ما قد يغيّر حسابات المشهد السياسي.
لكن زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، صرّح عقب اجتماع مغلق بأنهم «يبحثون جميع الخيارات»، دون وجود مسار واضح لإنهاء الأزمة.
ويعد هذا الإغلاق الثاني الذي يسجله ترامب، إذ سبق أن شهدت فترته الأولى إغلاقًا حكوميًا استمر 35 يومًا بسبب خلافات تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك. غير أن الموقف الحالي أكثر تعقيدًا مع تعطل برامج دعم الغذاء ورعاية الأطفال، وتسريح مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين أو إجبارهم على العمل دون أجر.
وحذر وزير النقل شون دافي من «فوضى محتملة في حركة الطيران الأسبوع المقبل» إذا لم يتقاضَ المراقبون الجويون رواتبهم، فيما تواصل النقابات العمالية الضغط على المشرعين لإنهاء الإغلاق.
ووصف زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثيون الإغلاق بأنه «الأطول والأشد قسوة في التاريخ الأمريكي»، داعيًا الديمقراطيين إلى التصويت على ملف التأمين الصحي ومواصلة التفاوض بعد إعادة فتح الحكومة، مؤكداً أن “الإغلاقات الحكومية غبية، ولا يربح منها أحد سياسيًا”.
وفي الكواليس، يجري عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، بينهم سوزان كولينز وميك راوندز من الجمهوريين وجين شاهين وكريس كونز من الديمقراطيين، محادثات لإعادة عملية تمويل الحكومة إلى مسارها الطبيعي، مع التركيز على تمرير حزمة محدودة من مشروعات القوانين المتفق عليها بين الحزبين لتمويل قطاعات الزراعة والبناء العسكري.
كما يسعى المشرعون إلى التوصل لاتفاق حول تمويل دعم التأمين الصحي المقرر أن ينتهي بنهاية العام، وسط ارتفاع حاد في أسعار التأمين وقلق ملايين الأمريكيين من فقدان التغطية الصحية. ويرفض الجمهوريون تمويل البرنامج المعروف باسم “أوباما كير” دون إصلاحات جوهرية، بينما يصر الديمقراطيون على تمريره كشرط لإنهاء الإغلاق.
وتؤكد الإدارة الأمريكية أن موقفها لم يتغير، وأن على الديمقراطيين التصويت أولًا لتمويل الحكومة قبل بدء أي مفاوضات بشأن الرعاية الصحية.
وفي سياق متصل، دعا ترامب إلى إلغاء قاعدة «الفيليبسستر» في مجلس الشيوخ – التي تشترط موافقة 60 صوتًا لتمرير أغلب التشريعات – معتبرًا أن ذلك سيسمح بإنهاء الإغلاق بسرعة، إلا أن أعضاء جمهوريين رفضوا مطلبه، مؤكدين أن القاعدة تضمن توازن القوى وحماية حقوق الأقلية في المجلس.
وفي مجلس الشيوخ الذي يضم أغلبية جمهورية ضئيلة (53 مقابل 47 للديمقراطيين)، استخدم الديمقراطيون صلاحياتهم لعرقلة مشروع قانون التمويل القادم من مجلس النواب أكثر من 12 مرة، ما جعل الأزمة تراوح مكانها.
ورغم أن ترامب يرى أن إلغاء قاعدة التصويت سيكون الحل لتجاوز الديمقراطيين، يسعى الجمهوريون لتجنب هذه المواجهة، وسط ضغوط متزايدة لإعادة فتح الحكومة ووقف تداعيات الإغلاق الذي أصبح الأطول والأكثر كلفة في تاريخ البلاد.
